حث الشرع الشريف على الإكثار من الذكر في كل الأوقات وبجميع أنواعه، مصداقاً لقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 41]. وتُعد أذكار طرفي النهار من الوظائف الشرعية المطلوبة، استناداً إلى قوله تعالى: ﴿وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الأحزاب: 42]. إن الالتزام بأذكار الصباح والمساء يمثل امتثالاً لأمر الله تعالى، ووسيلة لتقوية الصلة به، وحصناً من الشرور والآفات. فالذكر يطرد الشيطان، ويزيل الهم والغم، ويجلب الرزق، وينور الوجه والقلب، ويورث محبة الله تعالى، ويقوي الذاكرة، ويشرح الصدر، ويثقل الميزان يوم القيامة. كما أن في الذكر شفاء للأبدان، وطمأنينة للقلوب، ونوراً للدروب، فهو غذاء الروح، ودواء الجروح، وسلاح المؤمن في مواجهة تحديات الحياة. لذا، ينبغي على كل مسلم أن يحرص على الإكثار من ذكر الله تعالى في كل وقت وحين، وأن يجعل لسانه رطباً بذكره، وقلبه عامراً بمحبته، وجوارحه منقادة لطاعته.
أشهر أذكار الصباح
تتنوع أذكار الصباح وتتعدد، ومن أشهرها: الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وتلاوة آية الكرسي: {اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيم}، وتلاوة سور الإخلاص والفلق والناس (ثلاث مرات لكل سورة)، وقول: "أصبحنا وأصبح الملك لله والحمد لله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ربِّ أسألك خير ما في هذا اليوم وخير ما بعده وأعوذ بك من شر ما في هذا اليوم وشر ما بعده ربِّ أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر، ربَّ أعوذ بك من عذابٍ في النار وعذاب في القبر". هذه الأذكار المباركة تحصن المسلم من الشرور الظاهرة والباطنة، وتجلب له الخير والبركة في يومه. وتذكره بعظمة الله تعالى وقدرته، وتجدد العهد بينه وبين خالقه، وتدفعه إلى العمل الصالح والبعد عن المعاصي. كما أنها تزرع في قلبه الأمل والتفاؤل، وتجعله يستقبل يومه بنشاط وهمة وإقبال على الحياة.
ومن الأذكار المأثورة أيضاً: "اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور"، و"اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خَلَقتني وأنا عَبْدُك( أَمَتُك ) وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت وأعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك على وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت"، و"اللهم إني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك، وملائكتك وجميع خلقك، أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ، وأن محمداً عبدك ورسولك" (أربع مرات)، و"اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر". هذه الأدعية تشتمل على معاني عظيمة من التوحيد والإقرار بالعبودية لله تعالى، والاعتراف بالنعمة والشكر عليها، والشهادة لله بالوحدانية ولرسوله بالرسالة. كما أنها تعبر عن التوكل على الله تعالى والاستعانة به في كل الأمور، وتجدد الإيمان في القلب، وتقوي اليقين بالله تعالى. فالمسلم الذي يحرص على هذه الأذكار يكون قد حصن نفسه بتحصين قوي، وحقق لنفسه سعادة الدنيا والآخرة.
ويستحب كذلك أن يقول المسلم في الصباح: "اللهم عافني في بَدَني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري، لا إله إلا أنت " ( ثلاث مرات )، و"اللهم إني أعوذ بك من الكفر، والفقر، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر لا إله إلا أنت" (ثلاث مرات)، و"حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم" (سبع مرات)، و"اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يديَّ ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي"، و"اللهم عَالِمَ الغيب والشَّهادة، فاطر السموات والأرض، رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه وأن اقترف على نفسي سوءًا أو أجُره إلى مسلم"، و"بسم الله الذي لا يضرُّ مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم" (ثلاث مرات). هذه الأدعية المباركة تطلب من الله تعالى العافية في البدن والسمع والبصر، والحماية من الكفر والفقر وعذاب القبر، والتوكل عليه والاستعانة به، وسؤاله العفو والعافية في الدين والدنيا والأهل والمال، وستر العورات وتأمين الروعات، والحفظ من جميع الجهات، والوقاية من شر النفس والشيطان. فالمسلم الذي يدعو بهذه الأدعية يكون قد طلب من الله تعالى كل خير، واستعاذ به من كل شر.
ومن الأذكار المستحبة أيضاً: "رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً" (ثلاث مرات)، و"يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كُله ولا تَكِلْني إلى نفسي طرفة عين"، و"أصبحنا وأصبح الملك لله رب العالمين، اللهم إني أسألك خير هذه اليوم: فتحه، ونصره، ونوره، وبركته، وهداه، وأعوذ بك من شر ما فيه وشر ما بعده"، و"أصبحنا على فطرة الإسلام وكلمة الإخلاص، ودين نبيَّنا محمد صلى الله عليه وسلم وملَّة أبينا إبراهيم حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين"، و"سبحان الله وبحمده" (مائة مرة)، و"لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" (عشر مرات)، و"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير”(مائة مرة إذا أصبح)، و"سبحان الله وبحمده عدد خلقهِ ورِضَا نفسِهِ وزِنُة عَرشِهِ ومِداد كلماته" (ثلاث مرات إذا أصبح)، و"اللهم إني أسألك علماً نافعاً، ورزقاً طيباً، وعملاً متقبلاً" (إذا أصبح)، و"أستغفر الله وأتوب إليه" (مائة مرة )، و"اللهم صل وسلم على نبينا محمد" (عشر مرات). هذه الأذكار تجمع بين التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، والإقرار بالربوبية والإسلام والنبوة، والدعاء بالعلم النافع والرزق الطيب والعمل المتقبل، والاستغفار والتوبة، والصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم. فالمسلم الذي يحرص على هذه الأذكار يكون قد جمع بين أفضل الأعمال وأعظم القربات، ونال بذلك رضا الله تعالى ومحبته.