في مشهد إنساني مؤثر، تحولت رحلة الحاج الليبي عامر المهدي منصور القذافي من مغادرة فاشلة إلى معجزة حقيقية، شهدت تفاصيلها مطار سبها الدولي جنوب ليبيا، قبل أن تتداولها منصات التواصل الاجتماعي وتتحول إلى حديث الشارع الليبي والعربي، لما حملته من دروس في الإصرار والإيمان واليقين بقضاء الله.

 

بدأت حكاية الحاج عامر القذافي قبل أيام من بدء موسم الحج، حين كان يستعد للسفر ضمن وفد تنسيقية المنطقة الجنوبية (فزان) متوجهاً إلى الأراضي المقدسة لأداء مناسك الحج لكن ما إن وصل إلى صالة المغادرة في مطار سبها الدولي حتى فوجئ بإبلاغه من قبل أحد الضباط بإدارة الجوازات بوجود مشكلة أمنية في أوراقه، ما حال دون صعوده على متن الطائرة مع باقي الحجاج.

 

ورغم تأكيد الجهات الأمنية له بأن "الحج لم يكتب له هذا العام"، لم يستسلم عامر. فقد بقي في المطار، متمسكًا بيقينه وقناعته القوية، مرددًا أمام الحاضرين: "أنا نويت الحج... وإن شاء الله هروح"

 

في مفارقة درامية، وبعد مغادرة الطائرة المخصصة لنقل الحجاج، عاد الأمل للحاج عامر عندما واجهت الطائرة عطلاً فنياً مفاجئاً، اضطرها للعودة مجددًا إلى المطار لإصلاح الخلل وهنا حاول الطاقم الإداري وبعض الركاب إقناع قائد الطائرة بالسماح لعامر بالصعود، لكنه رفض حفاظاً على مواعيد الرحلة وتفادياً لأي تأخير إضافي.

 

ومع تكرار العطل الفني وعودة الطائرة مرة أخرى إلى المطار، تكررت المحاولة، حتى جاء القرار المفاجئ من الطيار نفسه بقوله: "مش هطير إلا لما عامر يركب!" وهنا تحقق ما تمناه الحاج الليبي، وصعد أخيرًا إلى الطائرة، وسط تصفيق وفرحة الحجاج والطاقم.

 

في الوقت الذي تصدر فيه اسم الحاج عامر القذافي مواقع التواصل، ظهرت شائعات تزعم وفاته أثناء أداء مناسك الحج. غير أن الرجل نفسه خرج عبر فيديو متداول ومكالمة مرئية مع أحد أفراد أسرته لينفي الخبر جملة وتفصيلاً، مؤكدًا أنه بصحة جيدة، وأنه موجود في أحد فنادق المملكة العربية السعودية استعدادًا للتوجه إلى مشعر منى.

 

أكد القذافي أن تلك الشائعات مجرد افتراءات لا أساس لها من الصحة، ناتجة عن "حب الترند" من بعض المستخدمين على حساب مشاعر وأرواح الآخرين، داعياً الجميع إلى تحري الدقة والابتعاد عن نشر الأكاذيب التي تسبب البلبلة والخوف بين الأهل والأصدقاء.

 

في تصريحات حصرية من مكة المكرمة، كشف الحاج عامر القذافي عن تفاصيل رحلته الشاقة، موضحًا أنه واجه عراقيل كبيرة في بداية الأمر، وكان قاب قوسين أو أدنى من العودة إلى منزله خائب الظن، لكن "عناية الله ولطفه" – كما وصف – تدخلت وغيّرت مجرى الأمور.

 

وأشار إلى أن الجهات المسؤولة في مطار سبها تعاملت معه بقدر عالٍ من الاحترام، وسعت لحل المشكلة، لكن الوقت لم يكن في صالحه. إلا أن ما حدث بعد ذلك من تعطل الطائرة مرتين وقرار الطيار بإدخاله كان بمثابة تأكيد على أن "ما كتبه الله له لن يمنع"

 

اختتم الحاج عامر القذافي حديثه برسالة طمأنينة لجميع محبيه، مؤكدًا أنه أدى الفريضة التي نواها بكل إخلاص وصفاء نية، داعيًا أن يجعلها الله حجة لا رياء فيها كما تضرع إلى الله أن يعم السلام في ليبيا، وأن تتوحد صفوف أبنائها وتنتهي الأزمات التي تعيشها البلاد منذ سنوات.

 

لاقت قصة الحاج الليبي تفاعلاً كبيرًا من الجمهور الليبي والعربي، حيث رأى فيها الكثيرون رمزًا للإيمان والصبر واليقين في الله وتداول المغردون والناشطون القصة على نطاق واسع، معبرين عن إعجابهم بإصرار عامر وصدقه، وواصفين ما حدث معه بأنه "علامة من الله" و"درسا في التوكل على الله مهما كانت الظروف"