مع اقتراب موسم الحج للعام 2025، يحرص المسلمون من مختلف بقاع الأرض على التعرف على تفاصيل أداء مناسك الحج، لما لهذا الركن من مكانة عظيمة في الإسلام باعتباره الركن الخامس من أركانه.

 

وفي هذا السياق، تناول الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، عبر سلسلة علمية ينشرها، شرحًا مفصلًا لأعمال الحج، وخصص الحلقة العاشرة للحديث عن ثاني أعمال الحج، وهو يوم عرفة، الذي يُعد الركن الأعظم للحج.

 

يوم عرفة يُعتبر من أعظم أيام الحج، حيث يخرج الحاج في صبيحة هذا اليوم من مشعر منى بعد أداء صلاة الفجر متوجهًا إلى صعيد عرفات، ذلك الموضع الذي يقف فيه الحجاج لأداء أحد أركان الحج الأساسية.

 

وقد بيّن الدكتور علي جمعة أن الوقوف بعرفة لا يصح بدونه الحج، إذ أن فواته يُبطل الحج بشكل كامل، ولهذا السبب يولي الفقهاء والمرشدون الدينيون أهمية كبيرة لهذا الركن.

 

وأشار الدكتور علي جمعة إلى أن حدود الوقوف تشمل كل منطقة عرفة عدا وادي عرنة، حيث لا يجزئ الوقوف فيها.

 

وبعد الوصول إلى عرفات، يستمع الحجاج إلى خطبة عرفة التي تلقى ظهرًا، ثم يُصلون الظهر والعصر جمع تقديم، أي يُجمع بين الصلاتين في وقت الأولى، ويؤديان ركعتين ركعتين، اقتداءً بسنة النبي محمد ﷺ.

 

يمكث الحجاج بعد ذلك في عرفات إلى غروب الشمس، وهم في حال من الخشوع والتضرع والذكر والدعاء، ويرفعون أكف الضراعة إلى الله بالدعاء والمغفرة والقبول، ويُكثرون من التلبية وقراءة القرآن الكريم، في لحظات تُعد من أعظم لحظات العمر التي يرجى فيها العتق من النار.

 

مع غروب شمس يوم عرفة، يبدأ الحجاج في التحرك نحو مشعر مزدلفة، حيث يُستحب السير بهدوء وسكينة، ويصلون هناك صلاتي المغرب والعشاء جمع تأخير، أي يُجمع بين الصلاتين في وقت العشاء، اقتداءً بسنة النبي ﷺ.

 

وبعد الصلاة، يبيت الحاج في مزدلفة حتى فجر اليوم التالي، وهو يوم النحر.

 

عقب صلاة الفجر في مزدلفة، يُستحب للحاج الوقوف للدعاء والتلبية حتى يسفر الصبح، وهو وقت انكشاف النور، وفي هذا الوقت يستحب للحاج أن يلتقط الجمار وهي الحصيات الصغيرة – من مزدلفة، ويُفضل أن يجمع منها سبعين حصاة إذا كان سيقوم بالرمي الكامل بنفسه خلال أيام التشريق، أما إذا اقتصر على رمي جمرة العقبة يوم النحر، فيكفي أن يلتقط سبع حصيات فقط.

 

تؤكد هذه الأعمال على أهمية التنظيم والانضباط والنية الخالصة في أداء المناسك، ويُعتبر يوم عرفة بحق يومًا عظيمًا في حياة الحاج، فهو يوم الرحمة والمغفرة والعتق من النار، وقد أكدت الأحاديث النبوية الشريفة على فضله العظيم، وأهمية استغلال لحظاته في الدعاء والذكر والاستغفار، فهو يوم تتنزل فيه الرحمات وتُجاب فيه الدعوات.