أعلن الدكتور أشرف زكي، نقيب المهن التمثيلية، عن بدء الإجراءات الرسمية لاستخراج شهادة وفاة وتصريح دفن الفنانة الكبيرة سميحة أيوب، التي رحلت عن عالمنا صباح اليوم الثلاثاء عن عمر ناهز 93 عامًا، داخل منزلها بمنطقة الزمالك بالقاهرة.

 

نقيب الممثلين: بدء إجراءات استخراج شهادة وفاة وتصريح دفن الفنانة سميحة أيوب

وأكد زكي في تصريح رسمي أن النقابة تتابع كافة التفاصيل المتعلقة بترتيبات صلاة الجنازة ومراسم العزاء، والتي سيتم الإعلان عنها فور الانتهاء من الإجراءات الرسمية، بالتنسيق مع أسرة الراحلة.

 

إرث مسرحي لا يُنسى

خلال مسيرة فنية امتدت لسبعة عقود، قدّمت سميحة أيوب أكثر من 170 عرضًا مسرحيًا، وضعت بها بصمتها على خشبة المسرح المصري والعربي وكانت واحدة من أبرز أعمدة المسرح القومي، حيث تولت إدارته مرتين بين عامي 1975 و1989، كما شغلت منصب مديرة المسرح الحديث في الفترة من 1972 حتى 1975.

 

تميزت إدارتها للمسرحين بالانضباط والاحترافية، حيث أعادت هيكلة فرق العمل المسرحي واستأنفت مسيرة الإنتاج الجاد، ما جعل اسمها مقترنًا دائمًا بفترة ذهبية من تاريخ المسرح المصري.

 

تجربة متميزة في الإخراج

لم يقتصر إبداع سميحة أيوب على التمثيل والإدارة، بل خاضت أيضًا مجال الإخراج المسرحي، حيث قدّمت عددًا من العروض الناجحة التي حملت بصمتها الخاصة، من أبرزها:

 

  • الباسبور (تأليف فتحية العسال)
  • مقالب عطيات (عن نص لموليير)
  • ليلة الحنة (تأليف فتحية العسال)

عُرفت الراحلة بتقديرها للنصوص الاجتماعية والإنسانية، وبقدرتها على تحويل المسرح إلى منبر للتنوير والتأثير الثقافي.

 

وداع قامة فنية استثنائية

برحيل سميحة أيوب، يفقد الوسط الفني قامة كبيرة لا تتكرر، وفنانة ساهمت بجهدها وموهبتها وقيادتها في تشكيل وجدان المسرح العربي. وكانت حتى أيامها الأخيرة تحرص على متابعة الحركة الفنية وتقديم النصائح والدعم للأجيال الجديدة.

 

ومن المنتظر أن تشهد صلاة الجنازة والعزاء حضورًا واسعًا من الفنانين والمثقفين ومحبي الفن، لتوديع "سيدة المسرح العربي" بما يليق بتاريخها الطويل وإرثها الذي سيبقى حيًا في ذاكرة المسرح المصري والعربي.

 

لم تمر مسيرة الفنانة سميحة أيوب دون أن تحظى بتقدير رسمي واسع النطاق؛ فقد حصلت على وسام الجمهورية من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام 1966، ووسام الاستحقاق من سوريا، ووسام بدرجة فارس من الحكومة الفرنسية، كما كرمت في عدة دول عربية مثل تونس والمغرب وفي عام 2015، تم إطلاق اسمها على القاعة الرئيسية بالمسرح القومي، اعترافًا بمكانتها الكبيرة ودورها الرائد في إثراء الثقافة والفن.

 

أما على المستوى الشعبي، فلطالما ارتبط اسم سميحة أيوب بالجودة والاحترام، وكانت مثالًا للفنانة المثقفة صاحبة الرسالة. فحب الناس لها لم يكن نابعًا فقط من أدوارها الفنية، بل أيضًا من شخصيتها الراقية ومواقفها الداعمة للفن الجاد وقضايا المرأة والثقافة في الوطن العربي.

 

تأثيرها على الأجيال القادمة

شكلت الفنانة الراحلة مصدر إلهام للأجيال الجديدة من الفنانين، حيث كانت معلمة وموجهة للعديد من نجوم المسرح والدراما الذين تخرجوا من تحت إدارتها أو تعاونوا معها على خشبة المسرح. لم تكن تحتكر النجومية، بل كانت دومًا تدفع بالمواهب الجديدة إلى الواجهة، وتُعلّمهم أن الفن التزام قبل أن يكون شهرة.

 

تركت سميحة أيوب مدرسة فنية كاملة، في الأداء والإدارة والإخراج، وسيظل تأثيرها ممتدًا في وجدان المسرح العربي لعقود طويلة قادمة، يؤرخ لها التاريخ كواحدة من أعظم ما أنجبت خشبة المسرح المصري.