في لحظة حزينة ودع الوسط الفني المصري والعربي واحدة من أعظم رموزه، الفنانة القديرة سميحة أيوب، التي وافتها المنية بعد مسيرة فنية امتدت لأكثر من سبعة عقود، قدمت خلالها إرثًا فنيًا لا يُنسى.
نعى محمود سعد للفنانة سميحة أيوب: وداعًا لسيدة المسرح العربي
وكانت ردود الأفعال على رحيلها مؤثرة للغاية، إذ سارع العديد من المشاهير والمحبين إلى نعيها بكلمات مؤثرة، في مقدمتهم الإعلامي المصري البارز محمود سعد؛ في منشور حمل مشاعر الحزن والتقدير، كتب محمود سعد على صفحاته الرسمية: "وداعًا سيدة المسرح العربي سميحة أيوب.. الفنانة الكبيرة التي أخلصت لفنها فأحبها الناس."
هذه الكلمات القليلة عبرت عن حجم الفقد الذي شعر به جمهورها وكل من تابع مسيرتها الطويلة والمليئة بالعطاء سميحة أيوب لم تكن مجرد فنانة، بل كانت مدرسة في الأداء المسرحي والتلفزيوني، ورمزًا للالتزام والإخلاص لمهنة الفن.
عبارة "أخلصت لفنها فأحبها الناس" تلخص بدقة طبيعة العلاقة التي جمعت سميحة أيوب بجمهورها: علاقة مبنية على الاحترام المتبادل، والصدق الفني، والتفاني في العمل وهي صفات قلما تجتمع في فنان وتستمر لأكثر من سبعين عامًا من الإبداع المتواصل.
رحيل سميحة أيوب لا يعني فقط غياب جسد، بل غياب روح كانت تضخ الحياة في كل شخصية تجسدها، وفي كل مشهد تؤديه، وفي كل مسرحية تعتلي فيها الخشبة وقد جاء نعي محمود سعد ليذكر الجميع بحجم هذه القامة الفنية، ويكرّس صورة سميحة أيوب كرمز خالد في ذاكرة المسرح العربي.
مسيرة فنية لا تُضاهى
ولدت سميحة أيوب في حي شبرا بالقاهرة عام 1932، ونشأت في بيئة مصرية تقليدية، لكنها امتلكت من الطموح والإرادة ما دفعها لاقتحام مجال الفن في وقت لم يكن فيه الطريق ممهدًا للنساء تخرجت من المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1953، وتلقت تعليمها على يد رائد المسرح المصري زكي طليمات، الذي لمس موهبتها ورعاها فنيًا.
منذ بداياتها، تميزت سميحة أيوب بقدرتها الاستثنائية على التقمص والاندماج الكامل في الشخصيات، فلفتت الأنظار بسرعة وتصدرت خشبة المسرح بأدائها الذي جمع بين الصدق والبساطة والقوة قدمت خلال مسيرتها ما يقرب من 170 مسرحية، كانت فيها دائمًا في قلب الأحداث، حاملة عبء البطولة ومسؤولة عن تقديم رسائل الفن الهادف للجمهور.
أدوار خالدة على المسرح
من أبرز الأعمال المسرحية التي تألقت فيها: "رابعة العدوية"، "سكة السلامة"، "دماء على أستار الكعبة"، "أغا ممنون"، و"دائرة الطباشير الققازية" تنوعت أدوارها ما بين الدينية، التاريخية، الاجتماعية والسياسية، وكانت دائمًا تجسد المرأة القوية صاحبة الموقف، مما جعل الجمهور يراها قدوة فنية وإنسانية في آنٍ واحد.
ولم يكن لقب "سيدة المسرح العربي" مجرد تكريم إعلامي، بل كان تعبيرًا دقيقًا عن مكانتها ودورها الريادي، حيث استطاعت أن تقود الحركة المسرحية بجدارة، وتكون قدوة للجيل الجديد من الممثلين والممثلات.
حضور سينمائي وتلفزيوني مؤثر
رغم أن المسرح كان هو عشقها الأول، إلا أن سميحة أيوب لم تغب عن السينما والتلفزيون فقدمت أعمالًا سينمائية مميزة مثل "أرض النفاق"، و"فجر الإسلام"، و"مع السعادة"، و"بين الأطلال" أما على صعيد الدراما التلفزيونية، فقد شاركت في أعمال حظيت بمتابعة جماهيرية واسعة، مثل "الضوء الشارد"، "أوان الورد"، "أميرة في عابدين"، و"المصراوية".