أثار ظهور ضوء أبيض قوي في سماء الإسكندرية قبل نصف ساعة من العاصفة الرعدية التي ضربت المدينة حالة من الهلع بين السكان، خاصة مع تصاعد الشائعات حول كونه نذيرًا بكوارث طبيعية مثل الزلازل أو الأعاصير.

 

ومع انتشار الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي التي توثق لحظة الوميض، تساءل كثيرون عن طبيعة هذا الضوء، ومدى خطورته.

 

في هذا السياق، كشف الدكتور محمد عادل سويلم، الباحث في هندسة النظام الشمسي بوكالة الفضاء الأوروبية، أن ما ظهر في سماء الإسكندرية هو ظاهرة معروفة علميًا باسم "البرق الصاعد" أو "البرق العكسي"، وهي ليست بجديدة على الأوساط العلمية، حيث تم توثيقها ودراستها منذ عام 1930، وأصبحت مفهومة بشكل أوسع في السنوات الأخيرة مع تطور تقنيات التصوير فائق السرعة، الذي تصل سرعته إلى عشرة آلاف إطار في الثانية.

 

وأوضح الدكتور سويلم أن البرق الصاعد يحدث عندما تتكون شحنات موجبة قريبة من سطح الأرض نتيجة للتغير في المجال الكهربي، خاصة في وجود مبانٍ عالية أو ناطحات سحاب، مما يتسبب في تحفيز التفريغ الكهربائي من الأرض نحو السماء بدلًا من الاتجاه التقليدي للبرق من السماء إلى الأرض.

 

وقد ساهمت عوامل مثل حركة الجليد والمياه داخل السحب، إلى جانب تركز الشحنات في إطلاق هذه الظاهرة النادرة نسبيًا، أما عن نوع البرق الذي شاهده سكان الإسكندرية، فقال سويلم إنه ينتمي إلى فئة "البرق عديم الرعد"، وهي ومضات برق تُرى من مسافة بعيدة دون أن يُسمع صوت الرعد المصاحب لها.

 

ويرجع السبب إلى تشتت الموجات الصوتية قبل وصولها إلى سطح الأرض، نتيجة للرياح السريعة أو الاضطرابات الجوية الكثيفة، كما أشار إلى أن ألوان البرق تختلف حسب الحرارة والرطوبة في الجو، فالبرق الأبيض الذي ظهر في الإسكندرية يُعد من أشدها سخونة وخطورة، نظرًا لارتباطه بتركيزات منخفضة من الرطوبة، فيما يُعد اللون الأزرق الأخطر على الإطلاق، لأنه يتميز بسرعة كبيرة وقدرته على التسبب في إصابات قاتلة مثل الحروق أو حتى توقف عضلة القلب.

 

وفيما يخص الثلوج التي تساقطت في شوارع المدينة بالتزامن مع العاصفة، أوضح الباحث الفلكي أن سقوط الثلج على الرغم من دفء الجو على مستوى الشارع يعود إلى الانخفاض الشديد في درجات الحرارة داخل السحب الرعدية.

 

وأضاف أن درجات الحرارة في تلك السحب قد تصل إلى -20 درجة مئوية، مما يسمح بتكون الثلج والبرد القوي، الذي يحتفظ بحالته لفترة أطول عند ملامسته لسطح الأرض، ولا يذوب بسرعة كما هو معتاد.

 

وأكد سويلم أن مثل هذه الظواهر الجوية وإن بدت نادرة أو مخيفة، إلا أن لها تفسيرات علمية واضحة، ولا يجب الربط بينها وبين أحداث خارقة أو غير طبيعية، ودعا إلى تعزيز الوعي بالظواهر الجوية وعدم الانسياق خلف الشائعات التي تثير الذعر بين الناس دون سند علمي.