في ليلة أوروبية منتظرة، تتحول أنظار العالم إلى ملعب "أليانز أرينا" في ميونخ، حيث يُقام نهائي دوري أبطال أوروبا 2025 بين باريس سان جيرمان الفرنسي وإنتر ميلان الإيطالي.
دوناروما في مواجهة "العدو الأزلي": جماهير ميلان تسانده ضد إنتر في نهائي أبطال أوروبا
لكن ما يمنح المباراة طابعًا خاصًا يتجاوز الطابع الرياضي البحت، هو أن أحد أبطال هذه المواجهة هو الحارس الإيطالي جيانلويجي دوناروما، الذي يخوض واحدة من أهم مبارياته على الإطلاق، لا فقط من أجل التتويج، بل بسبب الخصم تحديدًا: إنتر ميلان، العدو التقليدي لناديه الأم آي سي ميلان.
مباراة بذكريات ميلانية
بحسب تقرير نشرته صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية، فإن دوناروما تلقى سيلاً من الرسائل والدعوات من جماهير ميلان، الذين طالبوه صراحة بالتصدي لطموحات إنتر في نهائي دوري الأبطال؛ وقد بدا واضحًا أن هذه المباراة ليست مجرد مواجهة نهائية عادية للحارس الإيطالي، بل معركة شرفية لصالح ألوان "الروسونيري" التي ارتداها لست سنوات، قبل أن ينتقل إلى باريس سان جيرمان في صيف 2021.
وبحسب الصحيفة، فإن آلاف الجماهير الميلانية وجهت رسائل مباشرة إلى دوناروما عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بعضها حمل نبرة عاطفية، والبعض الآخر مشحون بعنصر "الانتقام الرياضي"، حيث خاطبه كثيرون بعبارات مثل: "سنعفو عنك للأبد إذا هزمت الإنتر يوم السبت!".
دوناروما: من سان سيرو إلى ميونخ
جيانلويجي دوناروما، البالغ من العمر 26 عامًا، قضى سنوات تكوينه في أكاديمية ميلان، وصعد بسرعة ليتحول إلى الحارس الأول للفريق قبل أن يتم عامه العشرين لكنه غادر بشكل مفاجئ إلى باريس سان جيرمان بعد نهاية عقده، ما خلف موجة من الغضب في أوساط جماهير ميلان، واعتبره البعض خائناً بعد أن تمسك به النادي لسنوات.
لكن الأمور قد تتغير الآن فالنهائي ضد إنتر يشكل فرصة ذهبية للحارس ليعيد ترميم العلاقة مع جماهير ميلان، التي لا تزال تكنّ مشاعر خاصة لأبنائها، مهما ابتعدوا.
العداوة التاريخية بين ميلان وإنتر
العداوة بين قطبي مدينة ميلانو إنتر ميلان وآي سي ميلان هي واحدة من أقدم وأعنف المنافسات الكروية في العالم وكل لقاء بين الفريقين يحمل طابعًا مشحونًا، سواء على أرضية الميدان أو في المدرجات.
وعلى الصعيد الأوروبي، كانت آخر مواجهة بينهما في دوري الأبطال نسخة 2023، والتي حسمها إنتر لصالحه وتأهل حينها إلى النهائي، قبل أن يخسر أمام مانشستر سيتي تلك الخسارة لازالت عالقة في الأذهان، ويطمح إنتر هذا العام لتعويضها بتحقيق لقبه الرابع في دوري الأبطال.
باريس سان جيرمان وحلم المجد الأوروبي
من جهته، يدخل باريس سان جيرمان النهائي بطموحات كبيرة لتحقيق أول لقب أوروبي كبير في تاريخه. الفريق الفرنسي بقيادة المدرب الإسباني لويس إنريكي حقق ثلاثية محلية هذا الموسم، متمثلة في الدوري الفرنسي، كأس فرنسا، وكأس الأبطال، ويأمل الآن أن يكمل الإنجاز برفع الكأس الأوروبية للمرة الأولى.
وساهم دوناروما بدور محوري في هذا المسار، بتصدياته الحاسمة خلال الأدوار الإقصائية، وهو ما جعل منه أحد الأعمدة الأساسية في الفريق الباريسي.
السيناريو المتوقع: بين التتويج والمصالحة
في حال قاد دوناروما باريس سان جيرمان إلى الفوز على إنتر ميلان في النهائي، فإن ذلك لن يسجل فقط ضمن إنجازاته الرياضية، بل سيكون أيضًا لحظة مصالحة تاريخية بينه وبين جماهير ميلان، الذين قد يجدون فيه "المنتقم غير المباشر" لهزائمهم السابقة أمام الغريم الأزلي.
هذا الدعم الجماهيري الذي تلقاه اللاعب من أنصار ناديه السابق، يعكس كم أن كرة القدم تتجاوز الحدود التقليدية للعقود والانتقالات، وتحتفظ بروح الولاء والانتماء، حتى لو كان ذلك في شكل غير مباشر.
بين طموح باريس سان جيرمان المشروع في التتويج بلقب أوروبي أول، وسعي إنتر ميلان لتعزيز تاريخه القاري، ستكون أنظار مدينة ميلانو معلقة بقفازات دوناروما ما بين ماضٍ ملياني، وحاضر فرنسي، ومواجهة إيطالية خالصة الطابع يبقى دوناروما أحد أكثر الشخصيات إثارة في هذا النهائي المنتظر.
ومع صافرة البداية في ملعب أليانز أرينا، لن يكون الحارس الإيطالي فقط أمام مهمة فنية، بل أمام تحدٍ عاطفي وتاريخي، قد يعيد كتابة علاقته بجماهير الروسونيري فقط إذا انتصر على الإنتر.