في كشف علمي يعد نقطة تحوّل محتملة في مجال علاج السمنة، أظهرت دراسة سريرية حديثة تفوق دواء "تيرزيباتيد" (Tirzepatide) على منافسه الشهير "سيماغلوتايد" (Semaglutide) المعروف تجاريًا باسم "أوزمبيك" و"ويغوفي" من حيث فعاليته في خفض الوزن ومحيط الخصر لدى الأشخاص المصابين بالسمنة دون مرض السكري.

 

"تيرزيباتيد" يتفوّق على "أوزمبيك" في معركة أدوية السمنة: نتائج واعدة من مؤتمر السمنة الأوروبي 2025

جاء الإعلان عن هذه النتائج خلال المؤتمر الأوروبي للسمنة لعام 2025، الذي انعقد في مدينة مالقة الإسبانية، حيث قُدّمت الدراسة كواحدة من أبرز أوراق المؤتمر من حيث الأثر الإكلينيكي والتوقعات المستقبلية لعلاج السمنة المزمنة.

 

أبرز نتائج الدراسة

شملت الدراسة 751 مشاركًا، وزعوا بشكل عشوائي لتلقي إما "تيرزيباتيد" أو "سيماغلوتايد" على مدار 72 أسبوعًا. النتائج جاءت كالتالي:

متوسط فقدان الوزن:

  • تيرزيباتيد: 20.2% من وزن الجسم.
  • سيماغلوتايد: 13.7% فقط.
  • الفارق النسبي: 47% لصالح تيرزيباتيد.

متوسط تقليص محيط الخصر:

  • تيرزيباتيد: 18.4 سم.
  • سيماغلوتايد: 13 سم.
  • نسبة التفوق: 42% لصالح تيرزيباتيد.

فقدان 15% من الوزن أو أكثر:

  • 65% من مستخدمي تيرزيباتيد حققوا هذا الهدف.
  • مقابل 40% فقط من مستخدمي سيماغلوتايد.

لماذا يتفوق "تيرزيباتيد"؟

السر في الفعالية الأعلى لتيرزيباتيد يعود إلى آلية عمله المزدوجة: ينشط مستقبل GLP-1 (كما يفعل سيماغلوتايد)؛ بالإضافة إلى تنشيط مستقبل GIP، وهو ما لا يفعله سيماغلوتايد.

 

هذا التفعيل المزدوج يُحدث تأثيرًا أعمق على عمليات الأيض، ويساعد على تحسين مؤشرات صحية حيوية تشمل:

  • ضغط الدم
  • نسب الدهون الثلاثية والكوليسترول
  • مستويات السكر في الدم

وتُشير هذه النتائج إلى أن استهداف أكثر من مسار أيضي في وقت واحد قد يكون النهج الأكثر فاعلية لمكافحة السمنة مستقبلاً.

 

الأهمية السريرية لتقليص محيط الخصر

من اللافت أيضًا أن تقليص محيط الخصر بمقدار 5 سم فقط يمكن أن يُقلل من خطر الوفاة بنسبة تتراوح بين 7 و9%، بحسب الأبحاث السابقة، وهو ما يُبرز الأهمية الصحية الكبرى للنتائج المتعلقة بخسارة محيط الخصر وليس الوزن فقط.

 

مصداقية الدراسة

رغم أن الدراسة لم تكن "مُعمّاة" أي أن المشاركين كانوا يعرفون نوع الدواء الذي يتناولونه فإن نتائجها تتسق مع دراسات مزدوجة التعمية سابقة، مما يعزز من موثوقيتها العلمية.

 

ما الذي يعنيه هذا للمستقبل؟

وفق ما خلص إليه خبراء المؤتمر الأوروبي للسمنة، فإن هذه الدراسة تمثل مؤشرًا قويًا على فاعلية الأدوية الجديدة التي تستهدف مسارات متعددة في الجسم في ظل الطلب العالمي المتزايد على أدوية فقدان الوزن، وتنامي الوعي الصحي بمخاطر السمنة، فإن تيرزيباتيد قد يصبح: الخيار الأول لملايين المرضى الذين لا يستجيبون للعلاجات التقليدية؛ نقطة انطلاق لأدوية الجيل الجديد ذات التأثيرات المتعددة.

 

النتائج التي تم تقديمها في مالقة لا تشير فقط إلى تفوق دواء على آخر، بل تكشف عن تحول جذري في فهم آليات علاج السمنة، والانتقال من التركيز على كبح الشهية فقط، إلى إعادة برمجة كاملة للأنظمة الهرمونية المرتبطة بالوزن والأيض.

 

وفي الوقت الذي يشهد فيه العالم تصاعدًا في معدلات السمنة، تبدو هذه الأخبار بمثابة بصيص أمل جديد ومبشر لملايين الأشخاص الباحثين عن حلول فعالة ومستدامة.