في واحدة من أكثر صفقات الفن الحديث إثارة لهذا العام، أعلنت دار سوذبيز عن طرح تمثال برونزي نادر للفنان السويسري الشهير ألبرتو جياكوميتي بعنوان Grande tête mince (الرأس الكبير دييغو)، خلال مزادها المسائي المرتقب في 13 مايو الجاري، لتكون هذه الصفقة بمثابة تتويج لموسم مزادات الربيع في نيويورك.

 

تمثال "الرأس الكبير دييغو" لجياكوميتي يتصدر مزاد سوذبيز بقيمة تقديرية تفوق 70 مليون دولار

التمثال النحتي الذي أُنجز عام 1955، يُعد من أهم أعمال جياكوميتي وأكثرها تعبيرًا، ويجسد وجه شقيقه دييغو جياكوميتي، الذي شكّل على مدار سنوات طويلة شريكًا فنيًا وملهمًا لأعمال ألبرتو. ويبلغ طول التمثال نحو 25 بوصة، ويتميّز بما وصفه النقّاد بأنه سطح ملون فريد يجعل منه نسخة استثنائية من العمل المعروف، ويضفي عليه طابعًا تأمليًا نادرًا في أعمال الفنان.

 

تقديرات وأسعار سابقة

بحسب التقديرات الأولية، يُنتظر أن يتجاوز سعر التمثال في المزاد 70 مليون دولار، ما يضعه في قمة مبيعات الموسم، متفوقًا على لوحة مرتقبة لـبيت موندريان تُقدّر قيمتها بـ50 مليون دولار، والمقرّر عرضها في دار كريستيز لاحقًا.

 

وكانت نسخ أخرى من هذا التمثال قد حققت أسعارًا مذهلة في السنوات الماضية: نسخة بيعت بـ 53 مليون دولار في مزاد كريستيز عام 2010 وأخرى بـ 50 مليون دولار في مزاد سوذبيز عام 2013.

 

ويعد هذا الأداء استمرارًا للطلب المتزايد على أعمال جياكوميتي، والذي بلغت ذروته عام 2015 ببيع تمثال "الرجل المشير" مقابل 141.3 مليون دولار، وهو أحد أعلى الأسعار التي سُجّلت لعمل نحتي في التاريخ.

 

مصدر التمثال وعرضه للجمهور

ينحدر هذا التمثال من مجموعة رجل الأعمال الراحل شيلدون سولو، أحد جامعي الأعمال الفنية البارزين، ويُعرض للبيع من خلال مؤسسة سولوفييف التي أسسها نجله وقد سبق أن عُرض التمثال في بينالي البندقية عام 1956، واستقرت ملكيته لاحقا لدى مؤسسة مايغت الفنية في فرنسا لنحو عقدين، قبل أن يُقتنى من قبل سولو.

 

وسيُتاح للجمهور مشاهدة التمثال في صالات سوذبيز بنيويورك من 2 إلى 13 مايو، قبل طرحه رسميًا في المزاد.

 

دلالة الصفقة على سوق الفن

في تصريحات خاصة، أكد سيمون شو، كبير مستشاري سوذبيز، أن هذه النسخة من "الرأس الكبير دييغو" تعد واحدة من أكثر الأعمال إثارة في تاريخ جياكوميتي، لما تحمله من شحنة عاطفية وانطباع بصري قوي، مشيرًا إلى أن السطح الغني بالألوان يجعل منها حالة فريدة مقارنة بالنسخ الأخرى.

 

الصفقة تمثل اختبارًا حاسمًا لسوق الفن العالمي، الذي يمر حاليًا بحالة من الفتور والتباطؤ بعد موجة من الارتفاعات القياسية خلال العقد الماضي. ويُنتظر أن يكون المزاد بمثابة مؤشر حيوي على مدى قدرة السوق على استيعاب الأعمال الكبرى في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.


سواء تجاوز التمثال سقف التوقعات أو بقي في حدودها، فإن "الرأس الكبير دييغو" يُعد واحدًا من أهم رموز الحداثة النحتية في القرن العشرين، وعرضه في سوذبيز يعكس الاستمرارية القوية لقيمة جياكوميتي الفنية والسوقية، ويعيد تسليط الضوء على الدور الحاسم الذي يلعبه الفن الحديث في تشكيل ذوق وقيمة سوق الأعمال الفنية عالميًا.