في الثلاثاء 21 مايو 2025، عقد مجلس النواب جلسة طارئة بمقره في برج العرب بالإسكندرية، حيث صوت الأعضاء بأغلبية ثلثي الحضور على إقرار مشروع قانون إنشاء الهيئة القومية للأمن الغذائي، عقب مناقشات امتدت لنحو خمس ساعات حددت الأهداف ونظم إدارة الموارد الاستراتيجية للبلاد.

 

جاءت المبادرة في ضوء التقلبات المناخية والجفاف الذي أثر على إنتاج المحاصيل خلال العامين الماضيين، وأدّى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، فقد عانى المواطنون من تذبذب معروض الخضراوات والفاكهة والحبوب، فاق الأمر قدرة الأسر على مواجهة الضغوط الاقتصادية، فكان القانون رداً سريعاً يسعى لتوحيد الجهود الحكومية والجهات البحثية والمزارعين لضمان توافر الغذاء بكميات وأسعار مستقرة.

 

حدد القانون مهام الهيئة بأن تشمل:

 

إعداد استراتيجيات لتخزين وتوزيع السلع الاستراتيجية كالأرز والقمح والزيت.

دعم مشاريع الريّ الحديث وتحسين نظم الزراعة لتقليل الاستهلاك المائي.

إنشاء مخازن مركزية وإقليمية لحفظ الفائض ومواجهة الأزمات الطارئة.

التنسيق مع وزارة الزراعة والمعاهد البحثية لوضع خطط للتنوع الزراعي وحماية المحاصيل من الآفات.


ويتكون مجلس إدارة الهيئة من وزير الزراعة ورئيس مجلس الوزراء بصفته رئيس المجلس، إلى جانب ممثلين عن وزارات المالية والصناعة والتجارة الداخلية والتخطيط، وخبراء من القطاع الخاص والمجتمع المدني، بمدة ولاية أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.

 

حرص المشرع على تحديد مصدر تمويل الهيئة عبر:

حصيلة الرسوم الجمركية على واردات المواد الغذائية.

نسبة ثابتة من إيرادات صندوق تحيا مصر.

مساهمات القطاع الخاص والشراكات الدولية.


كما أقر القانون إنشاء لجنة رقابية مستقلة ترفع تقريراً ربع سنوي إلى البرلمان بشأن الأداء المالي والفني للهيئة، وتفعيل مواد ضد من يتجاوز اختصاصاته أو يسيء استغلال الصلاحيات الممنوحة، بما يعزز الثقة المجتمعية ويحدّ من مظاهر الفساد وسوء الإدارة.

 

رحّبت نقابات المزارعين والقطاع الخاص بالخطوة الترْيْكية، معتبرين القانون «نقلة نوعية» في إدارة المخزون الاستراتيجي، بينما أعربت عدد من منظمات المجتمع المدني عن تطلعها لرؤية تطبيق حقيقي للإجراءات وتوزيع عادل للمخازن على المحافظات الأكثر تضرراً من ندرة المياه، وطالبت بتفعيل بند إشراك ممثلين عن الجمعيات الأهلية في لجان التوزيع.

 

ينتظر المواطنون بحذر بدء عمل الهيئة على الأرض، وسط تساؤلات حول جاهزية البنية التحتية للمخازن وآليات نقل السلع إلى المناطق النائية، فيما شدّد خبراء على ضرورة سرعة إصدار اللائحة التنفيذية وتحديد الضوابط التفصيلية لاتفاقيات الشراء والتخزين والتسعير، لضمان عدم تأخر صرف المخصصات وإدخال التقنيات الحديثة في عمليات الجرد الإلكتروني.

 

يعكس إقرار قانون الهيئة القومية للأمن الغذائي رغبة الدولة في مواجهة تحديات الغذاء والمناخ وتعزيز استقرار الأسواق، ويضع مسؤولية كبيرة على عاتق الأجهزة التنفيذية لضمان تطبيق فعال وشفاف، مع بقاء الشارع والمتابعة البرلمانية ومستوى التعاون بين مؤسسات الدولة المعيار الحقيقي لنجاح هذا المشروع الذي سيؤثر بشكل مباشر على حياة أكثر من مائة مليون مواطن.