في ليلة أوروبية حزينة لمشجعي "الشياطين الحمر"، خرج مانشستر يونايتد من نهائي الدوري الأوروبي بهزيمة مريرة أمام توتنهام هوتسبير، ليودع آخر أمل له في موسم اعتبره كثيرون من الأسوأ في تاريخ النادي الحديث.
الهزيمة لم تكن مجرد خسارة بطولة، بل كانت بمثابة حكم نهائي على موسم كارثي انتهى بمركز متأخر في البريميرليغ، وغياب تام عن المسابقات الأوروبية الموسم المقبل.
رغم خيبة الأمل الثقيلة، خرج المدرب البرتغالي روبن أموريم إلى الإعلام ليؤكد استمراره في القتال من أجل مانشستر يونايتد. "لا أملك ما أقوله للجماهير لأبرر ما حدث"، قال أموريم بصراحة تامة، مضيفًا: "لكنني لن أستقيل إلا إذا أراد مجلس الإدارة ذلك. لن أطلب أي تعويضات أنا هنا لأنني أؤمن بما أفعله".
هذا التصريح أعاد إلى الأذهان صورة المدرب الشجاع الذي لا يهرب من مسؤوليته، ولكنه أيضًا فتح باب الجدل: هل أموريم هو الرجل المناسب فعلًا لإنقاذ يونايتد من أزمته المزمنة؟
بمجرد النظر إلى ترتيب الفريق في الدوري الإنجليزي الممتاز، المركز السادس عشر قبل الجولة الأخيرة، يتضح حجم الانهيار، مانشستر يونايتد، النادي الذي يمتلك الرقم القياسي في عدد ألقاب الدوري الإنجليزي (13 لقبًا في الحقبة الحديثة)، أصبح يقاتل للهروب من قاع الجدول!
الهجوم غائب، الدفاع مرتبك، وسط الملعب تائه، والروح القتالية التي ميزت الفريق على مر العقود تبدو وكأنها أصبحت جزءًا من الماضي.
الخروج من دوري أبطال أوروبا لا يؤلم فقط على مستوى الرياضي، بل يمتد ليشمل الجانب المالي أيضًا، جيم راتكليف، المالك الشريك للنادي، قدَّر الخسارة المالية نتيجة الغياب عن البطولة الأوروبية الأهم بما يقارب 100 مليون جنيه إسترليني، ما بين عائدات البث والرعاية والإعلانات ومبيعات التذاكر.
هذه الأرقام تؤكد أن فشل الموسم الحالي لن يكون عابرًا، بل سيكون له تأثير مباشر على ميزانية النادي وخططه في سوق الانتقالات.
منذ توليه المسؤولية في نوفمبر الماضي خلفًا للهولندي إريك تن هاغ، حاول أموريم زرع أفكاره في الفريق، هو ليس مدربًا عديم الخبرة، فقد أعاد الحياة لنادي سبورتينغ لشبونة، وقاده لاستعادة بريقه في البرتغال بعد سنوات من الغياب عن المنافسة.
لكن واقع الدوري الإنجليزي مختلف تمامًا، الضغوط أكبر، وتوقعات الجماهير أعلى، وأي تراجع يُقابل بانتقادات نارية لا ترحم.
ومع ذلك، يعترف أموريم بأنه يعلم حجم التحديات المقبلة، ويؤكد: "علينا الآن أن نغيّر خطتنا ونركز على تحسين الأداء في الدوري سيكون لدينا وقت أطول للعمل، والتخطيط بشكل أفضل".
رغم كل شيء، لا تزال ثقة المدرب بنفسه قائمة. "لن أستسلم، لن أرحل، أنا واثق حقًّا"، بهذه الكلمات حاول أموريم طمأنة الجماهير الغاضبة، والتي لم تعد تحتمل المزيد من الإخفاقات بعد أكثر من عقد من الزمان منذ اعتزال السير أليكس فيرغسون.
لكن، هل تكفي الثقة فقط؟ أم أن التغيير الحقيقي يحتاج إلى ما هو أكثر من التصريحات؟ جمهور "أولد ترافورد" اعتاد على البطولات، وليس على المبررات.
ما يحتاجه يونايتد الآن ليس مجرد مدرب جديد أو تغيير في التشكيلة، بل "ثورة" شاملة تشمل الإدارة، الكشافين، البنية التحتية، والروح العامة في النادي، ربما يكون أموريم جزءًا من هذا التغيير، وربما لا.
في النهاية، الحكم الحقيقي سيكون مع بداية الموسم القادم. الجماهير لن تقبل بأي أعذار جديدة، والإدارة أمام خيارين لا ثالث لهما: إما مواصلة الدعم للمشروع الحالي، أو بدء رحلة جديدة مع مدرب جديد، كما فعلت مرات عديدة منذ رحيل فيرغسون.