في وقت يتجه فيه العديد من الأندية الأوروبية نحو إعادة ترتيب أوراقها استعدادًا للموسم الجديد، يبدو أن نادي برشلونة يسير بخطى ثابتة نحو المستقبل، جامعًا بين الاستقرار الفني والطموحات المتجددة فبينما تتصاعد شائعات سوق الانتقالات، وتزداد التكهنات بشأن مستقبل بعض اللاعبين، خرج النادي الكتالوني بعدة قرارات وتصريحات حاسمة، تعكس رؤية واضحة لبناء فريق تنافسي يليق بتاريخ وقيمة برشلونة.

 

اللاعب الشاب لامين يامال، الذي خطف الأنظار بأدائه اللافت هذا الموسم، وجد نفسه وسط زوبعة إعلامية بعد انتشار أنباء عن مطالبته بالحصول على أعلى راتب في الفريق مقابل تجديد عقده لكن سرعان ما خرج المدير الرياضي للنادي، ديكو، ليفند تلك الأقاويل، مؤكدًا أن ما يريده يامال حقًا ليس المال، بل أن يشعر بالاستقرار والسعادة داخل أسوار "كامب نو".

 

ديكو أوضح أن النجم الصاعد يتمتع بنضج يفوق عمره، وأنه لا يسعى إلى الشهرة الفارغة أو العقود الفلكية، بل يركز على تطوير مستواه والبقاء في المكان الذي آمن بموهبته منذ البداية. كما أشار إلى أن المفاوضات بشأن تجديد عقده تسير في الاتجاه الصحيح، وأن ما يُتداول في وسائل الإعلام لا يعكس الحقيقة.

 

تصريحات ديكو حملت رسالة غير مباشرة تعكس سياسة النادي الجديدة: الحفاظ على المواهب الشابة، ودعمهم بعقود عادلة دون الإخلال بتوازن الرواتب أو فلسفة النادي، التي طالما كانت قائمة على تقديم ما يستحقه كل لاعب، لا أكثر ولا أقل.

 

فليك يمدد عقده بعد موسم تاريخي


في موازاة الحديث عن العقود، جاء الإعلان عن تجديد عقد المدير الفني هانز فليك ليمنح جماهير برشلونة دفعة معنوية قوية. المدرب الألماني الذي تولى القيادة في بداية الموسم، تمكن من إحداث ثورة فنية داخل الفريق، تُوجت بتحقيق ثلاثية محلية ضمت الدوري الإسباني، كأس الملك، وكأس السوبر.

 

تجديد عقد فليك حتى صيف 2027 لم يكن مجرد قرار إداري، بل كان تأكيدًا على الرهان الطويل الأمد على أسلوبه وفكره التدريبي، خاصة بعد أن أثبت نفسه في مواجهة الكبار، وحقق انتصارات تاريخية على الغريم ريال مدريد، الذي سقط أمامه في أربع مناسبات هذا الموسم.

 

وبحسب ما أعلنه النادي، فإن فليك قاد الفريق في 59 مباراة حتى الآن، فاز في 43 منها، وتعادل في 7، وخسر في البقية. أرقام تعكس نجاح مشروعه في برشلونة، وتؤكد أن الفريق في طريقه لاستعادة هيبته الأوروبية التي تأثرت في السنوات الأخيرة.

 

كامب نو يفتح أبوابه من جديد


ولأن العودة لا تكتمل إلا بعودة الروح إلى المكان، أعلن رئيس النادي، خوان لابورتا، رسميًا موعد استئناف المباريات على ملعب "كامب نو"، بعد نحو عامين من التوقف بسبب أعمال التطوير والتوسعة ومن المقرر أن يخوض الفريق أولى مبارياته على الملعب الأسطوري في العاشر من أغسطس المقبل، من خلال مواجهة كأس "خوان جامبر" الودية، التي تمثل تقليدًا سنويًا لبدء الموسم الكروي في كتالونيا.

 

الملعب، الذي كان شاهدًا على أجيال من الأساطير، يخضع حاليًا لعملية تطوير شاملة تهدف لرفع سعته إلى 105 آلاف متفرج، ليصبح الأكبر في أوروبا ويتضمن المشروع إضافة سقف يغطي مدرجاته بالكامل، ومن المنتظر الانتهاء من جميع مراحل التطوير مع نهاية موسم 2025-2026، وسط توقعات بأن يكون "كامب نو" مرشحًا لاستضافة نهائي كأس العالم 2030، الذي تستضيفه إسبانيا بالمشاركة مع البرتغال والمغرب.

 

المشهد الحالي في برشلونة يوحي بأن النادي في حالة استقرار نسبي على المستويين الفني والإداري. من ناحية، هناك التزام برعاية المواهب الشابة والحفاظ على روح الفريق، كما يظهر في ملف لامين يامال ومن ناحية أخرى، هناك وضوح في مشروع فليك الفني، مدعومًا بإدارة تؤمن بضرورة بناء فريق قوي ومتوازن على المدى البعيد.

 

عودة كامب نو، تجديد فليك، وتأكيد الثقة في يامال، جميعها رسائل تؤكد أن برشلونة لا يكتفي بالماضي، بل يعمل على صناعة مستقبل جديد، يعتمد فيه على طاقة الشباب، وخبرة الكبار، ودعم جماهيره العريقة.