انطلقت صباح اليوم فعاليات زيارة وفد صناعي أردني رفيع المستوى إلى العاصمة السورية دمشق، في إطار جهود مشتركة لإحياء العلاقات التجارية، حيث ضم الوفد ممثلين عن غرفة صناعة عمان وكبرى الشركات الأردنية المتخصصة في الصناعات الغذائية والكيماوية والبلاستيكية، وقد سبقت الزيارة سلسلة لقاءات تحضيرية عبر الفيديو مع نظرائهم السوريين، اتفقوا خلالها على جدول أعمال يشمل 15 نقطة، تتوزع بين فرص الاستثمار وإلغاء الرسوم الجمركية وتسهيل إجراءات التصدير والاستيراد، إضافةً إلى اقتراح إنشاء مجلس أعمال أردني سوري دوري يجتمع أربع مرات سنويًا لضمان متابعة تنفيذ القرارات وتذليل العقبات الجمركية واللوجستية.

 

ركز الوفد الأردني على بحث فرص إقامة مشاريع مشتركة في مجالي التعبئة والتغليف الغذائي والصناعات البلاستيكية، حيث تعتزم الشركات الأردنية استثمار 200 مليون دولار في تطوير معمل حديث لتصنيع عبوات الألبان الجاهزة، كما طرحت شركة أردنية سورية مشتركة لإنشاء مصنع للبوليمرات الدقيقة التي تستخدم في صناعة الدهانات ومواد البناء، بهدف تقليل الاعتماد على الاستيراد، والعمل على توظيف أكثر من 5000 عامل أثناء التشغيل الكامل، فيما أشار وزير الصناعة السوري إلى رغبة دمشق في استقطاب خبرات أردنية في إدارة المصانع وتدريب الكوادر الفنية، والتعاون في مجال البحث والتطوير لابتكار مواد جديدة صديقة للبيئة.

 

رافق الوفد وفد رسمي سوري من وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ووزارة الصناعة، أكّد خلال مؤتمر صحفي مشترك أن الحكومة السورية ستقوم بإلغاء نسبة 20% من الرسوم الجمركية على المواد الأولية الأردنية المستوردة لصالح الصناعات التحويلية، بالإضافة إلى تقديم حوافز ضريبية لمدة خمس سنوات للمشاريع ذات الشراكة الثنائية، كما تعهدت الجهات السورية بتسهيل منح تصاريح العمل للخبرات الفنية الأردنية التي ستتقلد مناصب إشرافية في المصانع الجديدة، وتبني نظام رقمي لمتابعة الشحنات الجمركية بحيث يُختصر زمن الإجراءات إلى 48 ساعة بدلاً من 10 أيام.

 

أوضح أصحاب الشركات الأردنية المشاركون أن السوق السورية يتمتع بإمكانات كبيرة، مع قاعدة استهلاكية تتجاوز 20 مليون نسمة، إضافة إلى إمكانية التصدير لاحقًا إلى أسواق العراق ولبنان عبر ممرات لوجستية مشتركة، ما يرفع حجم التبادل التجاري من مستواه الحالي البالغ 150 مليون دولار سنويًا إلى نحو 500 مليون دولار خلال السنوات الثلاث القادمة، مع توقعات بتوفير أكثر من 15 ألف فرصة عمل بين البلدين، ونقل التكنولوجيا الحديثة في مجالات التعبئة والتغليف وتخفيض الكلفة الإنتاجية، وهو ما يسهم في دعم النمو الاقتصادي والتخفيف من نسب البطالة التي تعاني منها المناطق الصناعية في كلا البلدين.

 

رغم التفاؤل السائد، حدد الجانبان بعض التحديات التي يتطلب تجاوزها تنسيقًا دقيقًا، مثل الافتقار إلى البنية التحتية اللوجستية الملائمة على الحدود المشتركة، والحاجة إلى تحديث شبكة السكك الحديدية لتسهيل نقل البضائع بكميات كبيرة، بالإضافة إلى ضرورة ضبط سعر الصرف وتأمين التمويل الكافي للمشاريع الكبرى، وهو ما دفع الجانبين إلى الاتفاق على شكل لجنة فنية مشتركة ستجتمع بحلول نهاية الشهر لمناقشة خطط تطوير المعابر والسكك، ومتابعة إعطاء الأولوية لتمويل الشراكات الصناعية من صناديق التمويل العربية والدولية بدعم من البنك الإسلامي للتنمية.

 

اختتم الوفد الأردني زيارته الأولى لأراضي سوريا بإبرام مذكرة تفاهم لتأسيس «مجلس أعمال أردني سوري» يكون مقره الدائم في عمّان، ويضم غرفتي صناعة البلدين وكذلك اتحاد الغرف العربية، على أن يستهل أعماله بإطلاق منصة إلكترونية مشتركة لعرض الفرص الاستثمارية وتسهيل التواصل بين المستثمرين، كما تم الاتفاق على تبادل الزيارات السنوية للوفود التجارية والصناعية، وإقامة ورش عمل تقنيّة ودورات تدريبية مشتركة لصقل مهارات الكوادر الصناعية، فتأتي هذه الخطوات بمثابة دفعة قوية نحو إعادة إطلاق عجلة التكامل الاقتصادي العربي، وترجمة شعار «صنع في الأردن وسوريا» إلى حقيقة على أرض الواقع.