في بلدٍ يقدّر الخدمة الطويلة والعطاء في العمل، لا تزال رواتب المتقاعدين في المغرب موضوعًا يثير الكثير من الجدل والنقاش، سواء في الأوساط السياسية أو المجتمعية ومع حلول سنة 2025، أصبح من الواضح أن ملف التقاعد لم يعد يحتمل المزيد من التأجيل، خصوصًا في ظل ارتفاع الأسعار، وتدهور القدرة الشرائية، وتقدم سن المتقاعدين الذين يواجهون التزامات حياتية متواصلة لا تختلف كثيرًا عن تلك التي واجهوها أثناء عملهم.

 

في المغرب، يتم تدبير معاشات التقاعد من خلال عدة صناديق، أبرزها الصندوق المغربي للتقاعد (CMR) الخاص بموظفي القطاع العام، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) الخاص بعمال القطاع الخاص، إلى جانب الصندوق المهني المغربي للتقاعد (CIMR) الذي يشمل بعض المؤسسات والمقاولات الكبرى.

 

ورغم تعدد هذه الهيئات، إلا أن القاسم المشترك بينها يبقى تواضع المعاشات الشهرية مقارنة بتكاليف الحياة فالمتقاعد في القطاع العام، بعد قضاء أكثر من 30 سنة في الخدمة، قد لا يتجاوز رواتب معاشه 4,000 درهم شهريًا، وفي حالات كثيرة لا يتعدى 2,500 درهم، خصوصًا إذا لم تكن الأجرة الأساسية مرتفعة أما في القطاع الخاص، فالوضع أكثر حساسية، إذ نجد الكثير من المتقاعدين لا يتلقون سوى الحد الأدنى الذي قد لا يتجاوز 1,500 درهم.

 

في سنة 2025، خرجت الحكومة المغربية بتعديلات جزئية على مستوى رواتب المعاشات، منها الرفع التدريجي من قيمة المعاش، بحيث تم إدراج زيادة بنسبة 5% لفئة من المتقاعدين، وجرى الحديث عن خطوات مستقبلية لإعفاء المعاشات من الضريبة على الدخل، وهو أمر لقي ترحيبًا نسبيًا، لكنه لم يُخْفِ الشعور العام بعدم الرضا الزيادات الحالية، وإن كانت رمزية، تعتبر مهمة من حيث الإشارة السياسية، لكنها عمليًا تبقى محدودة الأثر أمام ارتفاع الأسعار المتسارع في المواد الغذائية والخدمات الأساسية.

 

ويعاني الكثير من المتقاعدين، خاصة في القرى والمناطق النائية، من ضعف الخدمات الصحية وغياب التغطية الشاملة، مما يزيد من العبء المالي عليهم بعضهم يضطر لصرف جزء كبير من معاشه البسيط على الأدوية أو الفحوصات الطبية، دون أي دعم حقيقي، في حين تظل مشاريع إصلاح التقاعد الشامل مؤجلة أو تسير ببطء شديد.