في خطوة تعكس الثقة المطلقة في الموهبة الشابة الصاعدة لامين يامال، قرر نادي برشلونة مكافأة نجمه الأبرز هذا الموسم بمفاجأة مزدوجة تحمل دلالات رمزية وتجارية وفنية ضخمة، مع اقتراب اللاعب من بلوغ عامه الثامن عشر في يوليو المقبل.
وبينما خطف يامال الأنظار بأدائه اللافت مع الفريق الأول، داخل إسبانيا وخارجها، تحركت إدارة برشلونة سريعًا لترسيخ مستقبل النجم الواعد داخل أسوار "كامب نو"، ليس فقط من خلال تأمينه بعقد طويل الأمد بل أيضًا عبر منحه شرف ارتداء القميص الذي يحظى بأكبر رمزية في تاريخ النادي: الرقم 10.
بحسب مصادر مقربة من النادي الكتالوني، فإن لامين يامال سيوقع عقدًا جديدًا يمتد لعدة سنوات، يتضمن شرطًا جزائيًا غير مسبوق يصل إلى مليار يورو، وهي خطوة تهدف إلى ردع أي نادٍ يرغب في التفاوض مع اللاعب أو مغازلته في المستقبل القريب.
هذا الرقم الفلكي يضع يامال في نفس مصاف أبرز لاعبي برشلونة الذين ارتبطوا بعقود مماثلة في السنوات الأخيرة، مثل أنسو فاتي، بيدري، وجافي ومع ذلك، فإن التوقيت والطريقة التي أُعلن بها عن الصفقة المرتقبة تعكسان بوضوح مكانة يامال الخاصة داخل المشروع الرياضي للنادي.
إلى جانب العقد الجديد، جاءت المفاجأة الأضخم من حيث الرمز والدلالة: إدارة برشلونة قررت منح يامال القميص رقم 10، الذي ظل مرتبطًا لسنوات طويلة بأسطورة النادي ليونيل ميسي.
الرقم كان في حوزة الجناح الإسباني أنسو فاتي، الذي رغم بدايته الواعدة مع الفريق الأول، تعثرت مسيرته بفعل الإصابات والابتعاد عن مستواه المعهود.
وعلى الرغم من أن فاتي لا يزال رسميًا ضمن قائمة الفريق، إلا أن الإدارة قررت سحب الرقم منه وتسليمه ليامال، حتى في حال عودة فاتي بشكل دائم الموسم المقبل.
هذه الخطوة ليست مجرد قرار إداري عابر، بل تقرأ ضمن سياق أوسع يتبناه النادي لتأسيس هوية جديدة للفريق، قوامها الاعتماد على المواهب الشابة، وفي مقدمتهم يامال، الذي أصبح بالفعل واجهة المشروع الكروي الجديد داخل برشلونة.
اللافت في هذه القصة أن يامال نفسه لم يكن في عجلة من أمره للحصول على الرقم 10، وفقًا لما ذكرته مصادر مقربة من اللاعب.
فالشاب، الذي يتمتع بشخصية متزنة ونضج كبير رغم صغر سنه، لم يطالب أبدًا بالحصول على الرقم الأسطوري، وفضل التركيز على تطوير مستواه ومساعدة الفريق فوق أرضية الميدان.
إلا أن إدارة النادي رأت في هذا التواضع نقطة قوة إضافية تعزز من مكانة يامال كنجم المستقبل، وقررت منحه الرقم 10 في خطوة "استراتيجية"، كما وُصفت داخل دوائر صنع القرار في برشلونة.
بعيدًا عن الجانب الرياضي، ترى إدارة برشلونة في يامال أداة قوية لإعادة إحياء العلامة التجارية للنادي على مستوى العالم، خاصة بعد تراجع البريق التسويقي منذ رحيل ميسي، وتراجع النتائج على الصعيد الأوروبي.
منح الرقم 10 ليامال، وإبرازه كرمز للمرحلة المقبلة، يتيح للنادي بناء سردية جديدة حول "الفتى المعجزة"، وهو ما يتناغم مع خطط النادي لتعزيز العوائد التجارية، من بيع القمصان إلى حملات الرعاية والدعاية العالمية.
منح يامال الرقم 10 لا يحمل فقط بُعدًا تسويقيًا أو رياضيًا، بل هو رسالة واضحة للداخل والخارج مفادها أن برشلونة يعود بثوب جديد، ويعتمد على أبنائه لبناء جيل ذهبي جديد.
القرار أيضًا بمثابة إعلان صريح عن نية النادي إعادة الهيبة لقميصه الأشهر، بعدما مرّ بفترة من التراجع الرمزي منذ رحيل ميسي، ويبدو أن الإدارة ترى في يامال الشخصية المناسبة لإعادة إشعال وهج الرقم 10 على المستطيل الأخضر.
لامين يامال لم يكمل بعد عامه الثامن عشر، لكنه بات بالفعل أحد الركائز الأساسية في برشلونة والمنتخب الإسباني، وأصبح يمثل نموذجًا للموهبة المصقولة والثقة المتبادلة بين اللاعب والنادي.
ما فعله برشلونة في هذا التوقيت ليس مجرد مكافأة للاعب، بل هو تأسيس لحكاية طويلة يُراد لها أن تمتد لسنوات قادمة، يكون بطلها الشاب الذي أتى من "لاماسيا" ليحمل على كتفيه حلم العودة إلى المجد.