انقطاع حاد للمياه يغرق الشوارع بمطالب الاحتجاج.. شهدت تونس العاصمة خلال الأيام القليلة الماضية انقطاعاً حاداً للمياه الصالحة للشرب في معظم الأحياء الراقية والوسطى إضافة إلى ضواحي المدينة الأمر الذي دفع آلاف الأسر إلى الخروج في مسيرات احتجاجية أمام مقرات الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه مطالبين بتفسير عاجل وحل جذري للمشكلة التي تكررت منذ أكثر من أسبوعين وسط ارتفاع درجات الحرارة ونقص واضح في ذخائر الخزانات مما فرض على الأهالي اللجوء إلى شراء الصهاريج بأسعار مرتفعة تجاوزت سقف المائة دينار تونسي يومياً مما أثقل كاهل الكثير من الأسر وأعاد فتح ملف الهدر الكبير للمياه وإهمال الصيانة الدورية للأنابيب والشبكات المتقادمة المتواجدة منذ عقود في قلب العاصمة
شارات استغاثة وأقاليم تعلن حالة طوارئ صحية
دفعت الأزمة عدداً من البلديات إلى إعلان حالة الطوارئ الصحية مع توزيع خزانات متنقلة ومضخات يدوية في الشوارع الرئيسية والمرافق الحيوية مثل المستشفيات والمدارس واستجابة لذلك قامت وزارة الصحة بإرسال فرق طبية متنقلة لإجراء تحاليل مياه مجانية والتأكد من خلوها من الجراثيم والملوثات وسط تحذيرات من انتشار الأمراض الجلدية والتسممات المعوية التي سجلت ارتفاعاً بنسبة تراوحت بين ثلاثين وخمسين بالمئة في مستشفيات مدينة المرسى وبن عروس مما أثار قلق الأهالي وحضّهم على استخدام المعقمات والفلترات المنزلية دون انتظار حلول عاجلة من الجهات المعنية
تراشق اتهامات بين الحكومة والهيئات المحلية حول المسؤولية
بينما اتهمت الحكومة شركات التوزيع بالتقصير والإهمال في صيانة الشبكات القديمة وتوفير خطط طارئة اعتباراً من مرحلة الربيع أعلنت الأخيرة أن الاعتمادات المالية المخصصة للتجديد لم تصل بانتظام إلى البلديات منذ سنوات مما يكشف عن خلل في عملية التخصيص والمتابعة اعترفت وزارة التجهيز والإسكان بنقص التمويل لكنّها استنكرت حملة التشهير والتصريحات المتضاربة ودعت إلى اجتماع طارئ لمجلس وزاري برئاسة رئاسة الحكومة لدراسة آليات تمويل سريع وتعيين لجنة تحقيق مستقلة لضمان محاسبة أي جهة ثبت تقاعسها في أداء واجباتها مع توعد بإطلاق مناقصة عالمية لاستيراد أنابيب فولاذية حديثة والبدء في استبدال أكثر من خمسين كيلومتراً من الشبكات المتعرجة نهاية الشهر المقبل
دعوات مدنية للقضاء على الهدر وتفعيل دور الرقابة الشعبية
من جانبه أطلق ائتلاف من الجمعيات البيئية والمجتمعية مبادرة تحت عنوان يدٌ في الماء تهدف إلى تحسيس المواطنين بأهمية الاقتصاد في استهلاك المياه وتشجيعهم على الإبلاغ الفوري عن أي تسرب يكتشفونه في شوارعهم أو منازلهم كما دعى الائتلاف إلى إنشاء منصة إلكترونية تتيح تسجيل البلاغات ومتابعتها شريطة أن تتعهد الشركة الوطنية للاستغلال والتوزيع بالرد خلال أربع وعشرين ساعة عمل فيما اقترح البعض تنظيم أيام مفتوحة لزيارة محطات المعالجة والعبور في أنفاق المياه لتعريف المواطنين بمراحل التنقية ومعالجة الهدر علاوة على خطة طويلة الأمد لزرع خمسين ألف شجرة مثمرة في الأحياء الشعبية لتعزيز دورهامحافظة على التربة الرطبة وتخفيف الاعتماد على ضخ كميات إضافية من المياه في المستقبل،