أكد محمود بصل، المتحدث باسم الدفاع المدني في قطاع غزة، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل اتباع سياسة ممنهجة تهدف إلى تجويع المدنيين، واصفًا ذلك بأنه جزء من عملية منظمة تهدف إلى قتل الأبرياء عبر حرمانهم من الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والدواء والماء. وفي مداخلة هاتفية مع الإعلامية رغدة أبو ليلة على قناة "القاهرة الإخبارية"، شدد الرائد بصل على أن الوضع الإنساني في غزة وصل إلى حافة الكارثة، حيث تتلقى فرق الدفاع المدني يوميًا نداءات استغاثة متزايدة من مختلف المناطق بسبب الجوع وسوء التغذية الحاد، وذلك في ظل انهيار شبه كامل للخدمات الأساسية وصعوبة بالغة في الوصول إلى الضحايا نتيجة للوجود المكثف لقوات الاحتلال بالقرب من مواقع القصف. هذا التصريح يلقي بظلال قاتمة على الأوضاع المتدهورة في القطاع، ويُبرز حجم المعاناة التي يتكبدها السكان المدنيون جراء الحصار والعمليات العسكرية المستمرة.
أوضح الرائد بصل أن قطاع غزة يشهد حاليًا المرحلة الثانية من المجاعة، والتي وصفها بأنها أشد فتكًا وتدميرًا من المرحلة الأولى التي شهدت فصل قوات الاحتلال لشمال القطاع عن جنوبه. وأشار إلى أن هذه المرحلة تسببت في سقوط أعداد كبيرة من الضحايا، خاصة في منطقتي النابلسي والكويتي الواقعتين على طريق صلاح الدين، وهما منطقتان حيويتان للتنقل والإمداد. هذا التقسيم الجغرافي المتعمد، بحسب بصل، يهدف إلى تقويض قدرة السكان على الوصول إلى الموارد المحدودة المتاحة، وزيادة الضغط على المنظمات الإغاثية العاملة في القطاع. إن هذه التصريحات تعكس صورة قاتمة عن الأوضاع الميدانية، وتُظهر كيف أن الحصار والعمليات العسكرية الإسرائيلية تساهم بشكل مباشر في تفاقم الأزمة الإنسانية وتوسيع دائرة المعاناة.
استنكر المتحدث باسم الدفاع المدني بشدة مجزرة "زكيم" التي ارتكبتها قوات الاحتلال خلال الساعات الماضية، والتي راح ضحيتها أكثر من 73 مواطنًا كانوا يحاولون يائسين الحصول على كيس دقيق أو كسرة خبز لإطعام أطفالهم وعائلاتهم. ووصف بصل هذه المجزرة بأنها من أبشع الجرائم التي شهدتها الحرب المستمرة، مؤكدًا أن الأعداد مرشحة للارتفاع، خاصة مع وجود جثث أخرى لا تزال تحت الأنقاض، وعدم قدرة الطواقم الطبية والإغاثية على الوصول إليها بسبب استمرار تواجد القوات الإسرائيلية في محيط المنطقة. هذه الواقعة المأساوية تسلط الضوء على المخاطر الجسيمة التي يواجهها المدنيون في غزة، الذين يضطرون إلى المخاطرة بحياتهم من أجل الحصول على أبسط مقومات البقاء.
أكد الرائد بصل أن قوات الاحتلال تتعمد استهداف المدنيين الأبرياء أثناء سعيهم للحصول على المساعدات الإنسانية، وذلك على الرغم من النداءات المتكررة التي تطلقها الجهات الإنسانية الدولية والمحلية. وأشار إلى أن حجم المساعدات التي تصل إلى القطاع ضئيل للغاية ولا يتناسب إطلاقًا مع حجم الاحتياج الفعلي للسكان، مما يجعل الوضع الإنساني أكثر تعقيدًا وتدهورًا. وشدد على أن هذه الممارسات الإسرائيلية تشكل خرقًا فاضحًا وواضحًا لكل القوانين والمواثيق الدولية التي تحمي المدنيين في أوقات النزاعات المسلحة. إن هذه التصريحات تدعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته والضغط على إسرائيل لوقف هذه الانتهاكات وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى جميع المحتاجين في قطاع غزة.
في ختام حديثه، ناشد محمود بصل المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والإنسانية بالتحرك العاجل والفوري لوقف هذه الممارسات اللاإنسانية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين في قطاع غزة. ودعا إلى ضرورة توفير الحماية اللازمة للمدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ ومنتظم، والعمل على رفع الحصار المفروض على القطاع بشكل كامل، والسماح بإعادة إعمار ما دمرته الحرب. وأكد أن استمرار الوضع الحالي ينذر بكارثة إنسانية غير مسبوقة، وأن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية تاريخية في إنقاذ حياة ملايين المدنيين الأبرياء الذين يعيشون في ظروف قاسية وغير إنسانية.