أثارت خطط الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لفرض رسوم جمركية باهظة على واردات المنتجات البرازيلية، ردود فعل غاضبة في البرازيل، حيث وصف الخبراء هذه الخطوة بأنها "تدخل سافر". يأتي هذا التهديد كرد فعل على ما وصفه ترامب بـ"حملة شعواء" سياسية ضد الرئيس السابق جايير بولسونارو، الذي يعتبره صديقًا وحليفًا. ووفقًا للتقارير، يخطط ترامب لفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الواردات البرازيلية اعتبارًا من أغسطس القادم، مما أثار مخاوف اقتصادية كبيرة في الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية.

 

خلفية الأزمة: محاكمة بولسونارو واقتحام مباني الحكومة

تأتي هذه التطورات في ظل محاكمة جارية للرئيس البرازيلي السابق جاير بولسونارو، الذي حكم البرازيل من عام 2019 إلى عام 2023، بتهمة تشكيل منظمة إجرامية للقيام بانقلاب. وتعود جذور هذه القضية إلى أحداث 8 يناير 2023، عندما اقتحم أنصار بولسونارو مبنى الكونجرس ومقر الحكومة والمحكمة العليا في العاصمة برازيليا، وقاموا بتخريب المباني. جدير بالذكر أن هذه الأحداث وقعت بعد حوالي أسبوع من تولي الرئيس الحالي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا منصبه، ولا يزال بولسونارو يرفض الاعتراف بفوز لولا في الانتخابات الرئاسية.

 

تصريحات ترامب ودعم بولسونارو

عبر الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب عن دعمه لبولسونارو، وكتب على منصته "تروث سوشيال": "البرازيل ترتكب خطأً فادحًا في معاملتها للرئيس السابق جايير بولسونارو. لقد شاهدتُ، كما شاهد العالم، أنهم لم يفعلوا شيئًا سوى ملاحقته، يومًا بعد يوم، ليلة بعد ليلة، شهرًا بعد شهر، عامًا بعد عام! إنه ليس مذنبًا بأي شيء، سوى أنه ناضل من أجل الشعب". وأضاف ترامب أنه "سيشاهد مطاردة جايير بولسونارو" وطالب بترك بولسونارو وشأنه. من جانبه، أعرب بولسونارو عن سعادته بتصريح ترامب، ووصف محاكمته بأنها "اضطهاد سياسي".

 

الرسوم الجمركية كأداة سياسية

ليست هذه المرة الأولى التي يستخدم فيها دونالد ترامب الرسوم الجمركية كأداة سياسية. فخلال ولايته الأولى، فرض أو هدد بفرض رسوم جمركية باهظة على الواردات من العديد من الدول، مبررًا ذلك بأن سنوات من العجز التجاري المرتفع تهدد الأمن القومي الأمريكي. وفي حالات أخرى، هدد بفرض تعريفات جمركية على المكسيك لإجبارها على قمع الهجرة غير الشرعية المتجهة إلى الولايات المتحدة والاتجار بالمخدرات، واستخدم الرسوم للضغط على الاتحاد الأوروبي لتخفيف اللوائح التي تؤثر على الشركات الأمريكية. إلا أن هذه المرة، يبدو الأمر مختلفًا، حيث تتعلق التعريفات الجمركية بقضية برازيلية داخلية، مما أثار حفيظة الكثيرين في البرازيل.

 

ردود الفعل البرازيلية وتداعيات محتملة

أثارت خطط ترامب ردود فعل قوية في البرازيل. فقد صرح لويس إيناسيو لولا دا سيلفا بأن الزيادات الأحادية الجانب في التعريفات الجمركية على الواردات من البرازيل ستؤدي إلى رد فعل على أساس مبدأ المعاملة بالمثل الاقتصادية. وأكد لولا أن الإجراءات القانونية ضد بولسونارو في يد سلطة قضائية دستورية ومستقلة، وأن البرازيل دولة ذات سيادة، ومؤسساتها مستقلة، ولن يُملى عليها أحد ما تفعله. ودعا الرئيس البرازيلي إلى اجتماع طارئ مع وزرائه للنظر في خطط ترامب الجمركية. ويرى محللون أن خطوة ترامب قد تأتي بنتائج عكسية، حيث بدأ بعض البرازيليين المحافظين ينتقدون الرسوم الجمركية القادمة ويدعمون لولا، مؤكدين على ضرورة عدم السماح للولايات المتحدة بالتدخل في الشؤون الداخلية للبرازيل أو في استقلال قضائها.