غضب واسع بعد حظر جماعي لمستخدمي إنستجرام وفيسبوك دون أسباب واضحة

في صباح يوم الأربعاء، الموافق 25 يونيو 2025، فوجئ عدد كبير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بتعليق أو حذف حساباتهم على منصتي فيسبوك وإنستجرام بشكل مؤقت ودون سابق إنذار. هذه الإجراءات شملت آلاف المستخدمين حول العالم، من بينهم أفراد عاديون، مؤثرون، ومديرو مجموعات مجتمعية. الجدير بالذكر أن الحظر لم يقتصر على المجموعات ذات الطابع السياسي أو المخالف، بل طال أيضًا مجموعات ترفيهية وعائلية متخصصة في تربية الحيوانات الأليفة، وتقديم المساعدة في الواجبات المدرسية، وحتى مجموعات محبي الألعاب مثل بوكيمون.

وقد أعرب العديد من المستخدمين عن دهشتهم إزاء موجة الحذف المفاجئة هذه، خاصةً في ظل غياب أي رسالة تفسيرية واضحة من الشركة الأم، ميتا. هذا الأمر دفع بعضهم إلى اتهام المنصات بممارسة رقابة غير عادلة أو الاعتماد على خوارزميات تفتقر إلى الحد الأدنى من الذكاء الإنساني عند تقييم المحتوى.

ذكاء اصطناعي أم خلل بشري؟ تساؤلات حول السبب الحقيقي

رغم تأكيد المتحدث الرسمي باسم شركة "ميتا"، آندي ستون، أن ما حدث كان مجرد "خلل فني" في نظام إدارة المحتوى، إلا أن هذا التوضيح لم ينجح في امتصاص حالة الغضب المتزايد لدى المستخدمين. من الصعب، بالنظر إلى حجم الحظر وسرعته ودقته، أن يُقبل هذا التفسير باعتباره مجرد حدث عرضي أو خطأ تقني بسيط. هناك شريحة واسعة من المتضررين ترى أن الأمر يتجاوز ذلك، مرجحةً أن يكون مرتبطًا بتحديث في خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تعتمد عليها ميتا في عمليات الفلترة والحظر.

إذا صحت هذه الفرضية، فإننا أمام إشكالية حقيقية تتعلق بكيفية تعامل الشركات الرقمية الكبرى مع بيانات وسلوك المستخدمين، خاصة في ظل الاعتماد على أدوات تقنية غير شفافة قد ترتكب أخطاء جسيمة تؤثر سلبًا على سمعة المستخدم أو نشاطه التجاري، دون وجود آلية مراجعة واضحة أو ضمانات للإنصاف. استمرار مثل هذه السياسات قد يؤدي إلى تراجع ثقة المستخدمين، وربما دفعهم للبحث عن منصات أكثر شفافية وموثوقية.

ردود فعل غاضبة واجتياح إلكتروني لمنصات الشكاوى والدعم

منذ الإعلان عن الحظر، شهدت منصات الدعم الفني وحسابات "ميتا" الرسمية تدفقًا ملحوظًا من المستخدمين الذين قدموا شكاوى واستفسارات متعددة. منصات التواصل الاجتماعي مثل Reddit وX (تويتر سابقًا) أصبحت ساحة للنقاشات الحادة، حيث انتشرت تغريدات ومنشورات تنتقد بشكل لافت سياسة الحظر التي وُصفت بـ"العشوائية"، مع مطالبات واضحة من المستخدمين بإعادة الحسابات والمجموعات في أسرع وقت ممكن.

بعض المستخدمين عمدوا إلى توثيق حذف مجموعاتهم، حتى تلك التي تقتصر مواضيعها على الأمور العائلية أو الفنية، الأمر الذي أسهم في تصاعد حالة الاستياء في الأوساط الرقمية. وقد حظي وسم "MetaBan" بانتشار واسع، بينما دعا بعض المؤثرين إلى مقاطعة مؤقتة للمنصات إلى حين معالجة المشكلة.

في المقابل، اتجه عدد من المستخدمين إلى نقل محتواهم نحو منصات بديلة مثل تيك توك، وتيليجرام، وديزرد، مؤكدين تراجع شعورهم بالأمان الرقمي في منصات "ميتا" وافتقارها، برأيهم، إلى احترام حرية المستخدم وتوفير الحماية الكافية من أخطاء الخوارزميات.

توتر وثقة مفقودة بين المستخدم والمنصة

الحادثة الأخيرة أعادت إلى الواجهة إشكالية العلاقة بين المستخدمين ومنصات ميتا، خاصة في ما يتعلق بمسألة الشفافية. لطالما عبّر المستخدمون عن استيائهم من غياب الوضوح في سياسات المنصة، وقرارات الحظر التي غالبًا ما تصدر دون تفسير كافٍ، بالإضافة إلى صعوبة التواصل مع الدعم الفني.

إن حذف حساب أو مجموعة رقمية بشكل مفاجئ، دون سابق إنذار أو توضيح، يؤدي إلى فقدان المستخدمين لشعورهم بالسيطرة والعدالة. هذا الأمر يثير لديهم مخاوف حقيقية بشأن هشاشة وجودهم الرقمي، ويجعلهم يدركون أن نشاطهم قد يُلغى في أي لحظة، ما يعمّق الإحساس بعدم الأمان الرقمي.

خاتمة: درس رقمي في زمن السيطرة الخوارزمية

ما حدث في يونيو 2025 لا يمكن اعتباره مجرد عطل تقني عابر؛ بل هو بمثابة جرس إنذار حقيقي لكل مستخدم يعتمد بشكل كامل على منصات التواصل الاجتماعي. من الضروري إدراك أن الوجود الرقمي للفرد ليس مضمونًا بأي حال من الأحوال، وأن الخوارزميات، مهما بدا عليها الذكاء، قد تفتقر أحيانًا إلى المنطق الإنساني وإلى عنصر العدالة.

لقد أصبحت الثقة بين المستخدم والمنصة على المحك. وإذا لم تسعَ شركة "ميتا" إلى إجراء إصلاحات جذرية في أنظمتها ومراجعة علاقتها بالمستخدمين، فمن المرجح أن تواجه في المستقبل تحديات تتجاوز إطار ما يسمى بـ"خلل مؤقت".