الغذاء الدرع الأول للوقاية من الكسور وهشاشة العظام
هشاشة العظام تُعد من أبرز المشكلات الصحية المرتبطة بالتقدم في العمر، إذ يصبح العظم ضعيفًا ومعرّضًا للكسور حتى عند التعرض لإصابات بسيطة نسبيًا. تزداد خطورة هذه الحالة عند حدوث كسور في مناطق حساسة مثل الحوض أو العمود الفقري، إذ قد تؤدي هذه الكسور إلى إعاقات أو مضاعفات طويلة الأمد يصعب علاجها. من المعلوم أن التغيرات الهرمونية والتقدم في السن يؤثران بشكل كبير على صحة العظام، إلا أن اتباع نظام غذائي متوازن يظل من أهم وسائل الوقاية الطبيعية للحفاظ على قوة العظام والحد من احتمالية الإصابة بهشاشتها.
لماذا الغذاء مهم لصحة العظام؟
العظام ليست مجرد هياكل جامدة، بل هي أنسجة حية تخضع لعمليات تجديد مستمرة. للحفاظ على قوة العظام ونموها السليم، هناك حاجة إلى مجموعة متنوعة من العناصر الغذائية الأساسية، وليس الكالسيوم فقط. تبدأ عملية بناء العظام منذ الطفولة وتستمر حتى حوالي سن الثلاثين، ثم يبدأ معدل الكتلة العظمية بالانخفاض تدريجيًا مع التقدم في العمر.
لذا، تظل التغذية السليمة عاملاً بالغ الأهمية في جميع المراحل العمرية، خاصة لدى النساء بعد سن انقطاع الطمث، حيث يؤدي انخفاض مستوى هرمون الإستروجين إلى ارتفاع خطر الإصابة بهشاشة العظام. بناءً على ذلك، فإن الاهتمام بالتوازن الغذائي والحصول على العناصر الضرورية يُعد ضرورة للحفاظ على صحة العظام والوقاية من المضاعفات المرتبطة بتقدم السن.
الكالسيوم: حجر الأساس
عندما نتحدث عن بناء العظام، الكالسيوم هو العنصر الذي لا غنى عنه. تقريبًا 99% من الكالسيوم في الجسم موجود في العظام والأسنان، ما يؤكد مدى أهميته. يُوصى للبالغين بالحصول على كمية يومية تتراوح بين 1000 و1300 ملغ من الكالسيوم؛ هذا الرقم ليس عشوائيًا، بل ضروري للحفاظ على صحة الهيكل العظمي.
من أين نحصل عليه؟ المصادر الرئيسية تشمل منتجات الألبان (الحليب، الجبن، اللبن)، إلى جانب الخضراوات الورقية الداكنة مثل السبانخ والكرنب والبروكلي. أيضًا، الأسماك التي تؤكل بعظامها، مثل السردين، تعتبر خيارًا ممتازًا. ولا نغفل عن الأطعمة المدعمة بالكالسيوم كعصائر الفاكهة وحبوب الإفطار الجاهزة.
لكن هناك نقطة مهمة: امتصاص الكالسيوم في الجسم يعتمد بشكل كبير على توفر فيتامين د. العلاقة بين الكالسيوم وفيتامين د تكاملية؛ فلا يمكن الاستفادة القصوى من أحدهما دون الآخر.
فيتامين د: شريك الكالسيوم
فيتامين د يُعتبر عنصر أساسي لدعم امتصاص الكالسيوم في الجسم. حتى مع استهلاك كميات كبيرة من الكالسيوم، لن يحصل الجسم على الاستفادة الكاملة بدون وجود مستويات كافية من فيتامين د. إنتاج فيتامين د يحصل عند تعرض الجلد لأشعة الشمس، لكن مع انخفاض التعرض أو التقدم في العمر، قد يواجه البعض نقصًا واضحًا.
من المصادر الرئيسية لفيتامين د: التعرض اليومي المباشر للشمس لمدة 10 إلى 15 دقيقة، بالإضافة إلى الأسماك الدهنية مثل السلمون، التونة، والماكريل. كذلك، صفار البيض وكبد الدجاج يوفران كميات جيدة. وفي حالات النقص، يُوصى باستخدام مكملات فيتامين د بناءً على استشارة طبية.
الحفاظ على مستويات مناسبة من فيتامين د أمر ضروري لضمان تماسك العظام وصحة الجسم بشكل عام.
البروتين: أساس متين لصحة العظام
البروتين عنصر أساسي في بناء نسيج العظم وتعزيز قوته. لكن من المهم تحقيق توازن في استهلاكه؛ الإفراط في تناول البروتين قد يؤدي إلى فقدان الكالسيوم عن طريق البول، ما يؤثر سلباً على صحة العظام مع الوقت.
للحصول على الاستفادة المثلى، يُفضّل التنويع في مصادر البروتين: اللحوم الحمراء والبيضاء، الدواجن، الأسماك. كذلك البقوليات مثل العدس والفاصوليا، وأيضاً المكسرات والبذور مثل اللوز وبذور الشيا—كلها مصادر ممتازة يمكن إدراجها ضمن النظام الغذائي اليومي لدعم صحة العظام بشكل فعّال.