في تطورات متسارعة تشهدها الساحة التشريعية المصرية، تبرز المادة السابعة من مشروع قانون الإيجار القديم كأحد أبرز النقاط الخلافية والمثيرة للجدل.
هذه المادة، التي تمثل جزءًا من حزمة تعديلات تهدف إلى تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر في ظل نظام الإيجار القديم، تمنح المالك صلاحيات جديدة في التعامل مع حالات امتناع المستأجر عن إخلاء العين المؤجرة.
ووفقًا للنص المقترح، يجوز للمالك، في حالات محددة، اللجوء إلى القضاء لاستصدار أمر بطرد المستأجر الممتنع عن الإخلاء، مما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التحديات القانونية والاجتماعية.
هذه التعديلات تأتي في سياق سعي الحكومة المصرية لإيجاد حلول جذرية لقضية الإيجار القديم، التي تعتبر من الملفات الشائكة التي تراكمت على مر العقود، وتسببت في العديد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية.
أسباب الإخلاء المبينة بقانون الإيجار القديم
تنص المادة السابعة من مشروع القانون على أنه، مع عدم الإخلال بأسباب الإخلاء المبينة في المادة (۱۸) من القانون رقم ١٣٦ لسنة ۱۹۸۱، يلتزم المستأجر أو من امتد إليه عقد الإيجار بإخلاء المكان المؤجر ورده إلى المالك في نهاية المدة المبينة في المادة (۲) من هذا القانون، أو حال تحقق أي من الحالتين الآتيتين:
أولاً، إذا ثبت ترك المستأجر أو من امتد إليه عقد الإيجار المكان المؤجر مغلق لمدة تزيد على سنة دون مبرر.
وثانياً، إذا ثبت أن المستأجر أو من امتد إليه عقد الإيجار يمتلك وحدة سكنية أو غير سكنية قابلة للاستخدام في ذات الغرض المعد من أجله المكان المؤجر.
هذه الشروط الجديدة تهدف إلى الحد من استغلال الوحدات المؤجرة بنظام الإيجار القديم، وإعادة توجيهها إلى السوق العقاري للاستفادة منها بشكل أمثل.
كما أنها تسعى إلى معالجة بعض الحالات التي يتم فيها الاحتفاظ بالوحدات المؤجرة دون استخدامها الفعلي، مما يحرم السوق من هذه الوحدات ويؤثر على العرض والطلب.
وفي حال امتناع المستأجر عن الإخلاء، يحق للمالك أن يطلب من قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الكائن في دائرتها العقار إصدار أمر بطرد الممتنع عن الإخلاء، مع حفظ الحق في التعويض إن كان له مقتضى.
ومع عدم الإخلال بحكم الفقرة الثانية من هذه المادة، يحق للمستأجر أو من امتد إليه عقد الإيجار رفع دعوى موضوعية أمام المحكمة المختصة وفقا للإجراءات المعتادة، ولكن لا يترتب على رفع الدعوى الموضوعية وقف أمر قاضي الأمور الوقتية المشار إليه.
هذا الإجراء يهدف إلى تسريع عملية استعادة الوحدات المؤجرة في الحالات التي يثبت فيها الامتناع عن الإخلاء دون مبرر قانوني، مع ضمان حق المستأجر في اللجوء إلى القضاء للطعن في قرار الطرد.
ومع ذلك، فإن عدم وقف أمر قاضي الأمور الوقتية يثير بعض المخاوف بشأن إمكانية تضرر المستأجر في حالة صدور حكم نهائي لصالحه في الدعوى الموضوعية.
تفاصيل مشروع قانون الإيجار القديم
يتضمن مشروع القانون فترة انتقالية مناسبة قبل إنهاء عقود الإيجار القديم، بواقع 7 سنوات بالنسبة للأماكن المؤجرة لغرض السكنى، و5 سنوات بالنسبة للأماكن المؤجرة للأشخاص الطبيعية لغير غرض السكنى.
كما يلزم المستأجر بإخلاء المكان المؤجر ورده إلى المالك بانتهاء الفترة الانتقالية، مع النص صراحة على إلغاء كافة قوانين الإيجار القديم بعد انتهاء هذه الفترة الانتقالية.
ويهدف مشروع تعديل القانون إلى إنهاء عقود الإيجار القديم وتحرير العلاقة الإيجارية بحيث تصبح جميع عقود الإيجار خاضعة لأحكام القانون المدني وفقا لإرادة الطرفين، وذلك بعد انتهاء الفترة الانتقالية المحددة بالقانون.
هذه الخطوة تعتبر تحولاً جذرياً في نظام الإيجار في مصر، حيث تهدف إلى إنهاء العمل بالقوانين الاستثنائية التي كانت تحكم العلاقة بين المالك والمستأجر لعقود طويلة، وإعادة هذه العلاقة إلى الإطار الطبيعي الذي يحكمه القانون المدني.
تفاصيل زيادة الأجرة في تعديل قانون الإيجار القديم
كما تضمن مشروع تعديل قانون الإيجار القديم إعادة النظر في القيمة الإيجارية للوحدات المؤجرة بنظام القانون القديم، بحيث تكون زيادة القيمة الإيجارية القانونية للأماكن المؤجرة لغرض السكنى في المناطق المتميزة بواقع (عشرين) مثل القيمة الإيجارية القانونية السارية وبحد أدنى مبلغ مقداره (١٠٠٠ جنيه)، وبواقع (عشرة) أمثال القيمة الإيجارية السارية للوحدات الكائنة بالمنطقتين المتوسطة والاقتصادية وبحد أدنى مبلغ مقداره (٤٠٠ جنيه) في المناطق المتوسطة، و(٢٥٠ جنيه) للوحدات الكائنة في المناطق الاقتصادية. كما تضمن زيادة القيمة الإيجارية القانونية للأماكن المؤجرة للأشخاص الطبيعية لغير غرض السكنى بواقع (٥ أمثال) القيمة الإيجارية الحالية.
ونصت التعديلات على زيادة القيمة الإيجارية (للأماكن المؤجرة لغرض السكنى ولغير غرض السكنى) خلال الفترة الانتقالية بصفة دورية سنويًّا بواقع (١٥%). هذه الزيادات تهدف إلى تقريب القيمة الإيجارية للوحدات المؤجرة بنظام الإيجار القديم إلى القيمة السوقية، مما يشجع الملاك على الاستثمار في هذه الوحدات وتحسينها، ويساهم في زيادة المعروض من الوحدات المؤجرة في السوق.
ومع ذلك، فإن هذه الزيادات قد تمثل عبئًا على بعض المستأجرين، خاصة ذوي الدخول المحدودة، مما يتطلب إيجاد آليات للتخفيف من آثار هذه الزيادات على هذه الفئة من المستأجرين.