عقب الضربات الأمريكية على منشآت نووية في إيران، عقد مجلس الوزراء الأمني الألماني اجتماعاً طارئاً في برلين للتشاور حول التطورات الجديدة. وأفاد شتيفان كورنيليوس، المتحدث باسم المستشار فريدريش ميرتس، بأن الحكومة الألمانية تعتقد أن الضربات الجوية قد ألحقت أضراراً جسيمة بأجزاء كبيرة من البرنامج النووي الإيراني، وأنه سيتم تقييم الأضرار بدقة لاحقاً. وأكد كورنيليوس أن ميرتس سيواصل التنسيق الوثيق مع وزرائه الرئيسيين وشركائه الأجانب طوال اليوم، ودعا إيران إلى التفاوض على حل سلمي للصراع مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية. هذا التطور يأتي في ظل تهديدات إيرانية بـ "عواقب وخيمة" رداً على قصف منشآتها النووية، مما يزيد من حالة عدم اليقين والقلق في المنطقة والعالم.

 

ردود فعل متباينة في الأحزاب الألمانية

 

تتباين ردود الفعل الأولية من سياسيي الأحزاب الألمانية الحاكمة، بما في ذلك الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي والحزب الاشتراكي الديمقراطي. يورغن هارت، نائب رئيس الكتلة البرلمانية للحزب المسيحي الديمقراطي، صرح لصحيفة "تاغس شبيغل" بأن الضربة الأمريكية كانت متوقعة بعد رفض إيران قبول عرض الأوروبيين للتفاوض. وأضاف هارت أن هذه الضربة ستؤخر البرنامج النووي الإيراني لعدة سنوات، مما يصب في مصلحة إسرائيل والعالم الحر، بما في ذلك ألمانيا. من جهة أخرى، أعرب رولف موتسينيش، خبير السياسة الخارجية في الحزب الاشتراكي الديمقراطي والرئيس السابق لكتلة حزبه البرلمانية في البوندستاغ، عن خيبة أمله، معتبراً أن مساعي تعزيز النظام الدولي من خلال التعاون والرقابة والمعاهدات ستتأخر عقوداً من الزمن. يذكر أن موتسينيش كان قد تصدر عناوين الأخبار مؤخراً بصفته أحد واضعي فكرة "بيان الحزب الاشتراكي الديمقراطي"، الذي يعبر الموقعون عليه عن أسفهم لتزايد العسكرة العالمية ويطالبون بحلول دبلوماسية جديدة للحروب والنزاعات.

 

إجلاء المواطنين الألمان من إسرائيل

 

في خطوة غير مسبوقة، قام الجيش الألماني للمرة الأولى بإجلاء مواطنين ألمان مباشرة من إسرائيل. وبعد مفاوضات شاقة مع السلطات الإسرائيلية، حصل الجيش الألماني على إذن لنقل المواطنين الألمان بطائرتين. وقد تم تنفيذ الرحلتين بالتنسيق مع السلطات الإسرائيلية، وتركزتا بشكل أساسي على العائلات التي لديها أطفال وأشخاص آخرين معرضين للخطر. هبطت الطائرتان في مطار كولونيا/بون وعلى متنهما 64 شخصاً. وعبر وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس عن شكره للجنود، مؤكداً أن الجيش الألماني يمكن الاعتماد عليه، وأن أطقم سلاح الجو وصلت إلى الموقع بعد فترة إنذار قصيرة ونفذت مهمتها باحترافية عالية. هذه العملية تعكس التزام الحكومة الألمانية بحماية مواطنيها في الخارج، خاصة في مناطق الأزمات والنزاعات.

 

الألمان المسجلون على قائمة الأزمات

 

يبلغ عدد الألمان المسجلين في قائمة الوقاية من الأزمات "إيليفاند" في إسرائيل حوالي 4300 شخص، بينما يوجد حوالي 1000 شخص مسجلين في إيران. تمنح هذه القائمة موظفي السفارة الألمانية في إسرائيل نظرة عامة على الألمان الموجودين في البلاد، على الرغم من أن ليس جميعهم عازمين على مغادرة إسرائيل أو يريدون مغادرتها، حيث يستخدم الكثيرون القائمة كوسيلة للطمأنينة والاتصال. في الوقت نفسه، قامت الحكومة الألمانية بنقل مواطنين ألمان من الأردن، الدولة المجاورة لإسرائيل، على متن طائرة مستأجرة، بسبب إغلاق المجال الجوي فوق إسرائيل. وتمكن 123 شخصاً ألمانياً من مغادرة البلاد على متن هذه الرحلة الخاصة، بعد أن اضطروا إلى تنظيم رحلة سفرهم الشاقة والخطيرة للوصول إلى الأردن عن طريق البر. في الأيام السابقة، وصل بهذه الطريقة 345 شخصاً إلى ألمانيا بطائرات مستأجرة هبطت في مطار فرانكفورت آم ماين.

 

غياب الرحلات الجوية من إيران

 

على الرغم من الوضع المتوتر، لا تقدم ألمانيا رحلات جوية لإجلاء مواطنيها المقيمين في إيران. وقد بررت الحكومة الألمانية ذلك بأن المعابر الحدودية الإيرانية إلى تركيا وأرمينيا مفتوحة، على الرغم من أن السفر عبر إيران صعب وخطير، ومن المؤكد أنه أصبح أكثر صعوبة وخطورة الآن بعد دخول الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب. وكانت الحكومة الألمانية قد رفضت قبل ذلك فكرة تنظيم قوافل بالحافلات لإجلاء الألمان من إسرائيل وكذلك من إيران، معتبرة أن ذلك سيعني رحلات طويلة إضافية وفترات انتظار، مما سيشكل خطراً كبيراً نظراً لاستمرار الغارات الجوية. كما قامت الحكومة الألمانية بسحب موظفي سفارتها في طهران قبل بدء الهجمات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية، ونقلتهم إلى الخارج، مع التأكيد على أن السفارة تواصل عملها بشكل متنقل، وذلك تماشياً مع إجراءات مماثلة اتخذها شركاء دوليون مثل بريطانيا وسويسرا.