بدأ مشروع الغاز الطبيعي المسال الكندي، بقيادة شركة شل، إنتاج أولى شحناته من الغاز الطبيعي المسال المخصصة للتصدير. وفقاً لمصادر مطلعة، انطلقت العملية في تمام الساعة الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلي من منشأة كيتيمات في مقاطعة كولومبيا البريطانية. يمثل هذا الحدث علامة فارقة في قطاع الطاقة الكندي، حيث يعتبر المشروع أول منشأة كندية ضخمة لتسييل الغاز تدخل حيز الإنتاج. والأهم من ذلك، أنه الأول من نوعه في أمريكا الشمالية الذي يتمتع بنفاذ مباشر إلى سواحل المحيط الهادئ، مما يقلل بشكل كبير من زمن الشحن نحو الأسواق الآسيوية ويمنح كندا موطئ قدم تنافسياً في واحدة من أكثر الأسواق العالمية طلباً على الغاز.
تفاصيل المشروع والشراكات
يضم المشروع المشترك كبرى شركات الطاقة العالمية، بما في ذلك شل (Shell)، بتروناس (Petgas)، بتروتشاينا (PetroChina)، ميتسوبيشي كوربوريشن (Mitsubishi Corporation)، و كوغاز (Kogas). تعكس هذه الشراكة الدولية أهمية المشروع وحجم الاستثمارات التي تم ضخها فيه. تبلغ الطاقة الإنتاجية الكاملة للمشروع عند التشغيل الكامل 14 مليون طن متري سنوياً. حالياً، ينتج الغاز من الوحدة الأولى "ترين 1" بطاقة 5.6 مليون طن، إلا أن مشكلات تقنية في أحد الخطوط تبقي الإنتاج عند نصف السعة مؤقتاً حتى يتم إصلاحها. من المتوقع أن يتم إصلاح هذه المشكلات قريباً ليعود الإنتاج إلى طاقته الكاملة.
بدء الشحن والأسواق المستهدفة
من المتوقع أن تُشحن أولى الشحنات بحلول مطلع يوليو/تموز، مع اقتراب ناقلة الغاز "غازلوغ غلاسغو" من ميناء كيتيمات وفقاً لبيانات تتبع السفن من مجموعة بورصة لندن. يترقب العالم تدشين هذه الشحنة الرمزية، التي تمثل بداية حقبة جديدة في صادرات الطاقة الكندية. من المرجح أن تتجه الشحنات الأولى نحو الأسواق الآسيوية، حيث الطلب المتزايد على الغاز الطبيعي المسال لتلبية احتياجات الطاقة المتنامية. يتيح الموقع الاستراتيجي لمنشأة كيتيمات الوصول السريع إلى هذه الأسواق، مما يمنح كندا ميزة تنافسية كبيرة.
تأثير المشروع على صادرات الغاز الكندية
يمثل هذا المشروع تحولاً جوهرياً في مسار صادرات الغاز الكندية، التي اعتمدت حتى الآن على السوق الأميركية كوجهة رئيسية. ففي عام 2024، صدّرت كندا نحو 8.6 مليار قدم مكعبة يومياً إلى الولايات المتحدة، مقارنة بـ8 مليارات قدم مكعبة يومياً في 2023، و7.5 مليار كمعدل سنوي خلال الفترة بين 2018 و2022، حسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية. ولكن مع دخول منشأة كيتيمات الخدمة، يتوقع التجار أن تتراجع التدفقات نحو الولايات المتحدة، إذ ستحصل الشركات الكندية أخيراً على منفذ مباشر ومستقل للتصدير نحو آسيا. هذا التنويع في الأسواق سيساهم في تعزيز الاستقلال الاقتصادي لكندا وتقليل اعتمادها على سوق واحدة.
الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية
إن بدء تشغيل مشروع الغاز الطبيعي المسال في كيتيمات ليس مجرد إنجاز هندسي، بل هو أيضاً خطوة استراتيجية مهمة لكندا. فبالإضافة إلى توفير مصدر جديد للدخل القومي، سيساهم المشروع في خلق فرص عمل جديدة وتنمية المجتمعات المحلية. كما أنه يعزز مكانة كندا كلاعب رئيسي في سوق الطاقة العالمي، ويمنحها القدرة على تلبية الطلب المتزايد على الغاز الطبيعي المسال في آسيا. يعتبر هذا المشروع مثالاً ناجحاً على التعاون الدولي في قطاع الطاقة، ويؤكد التزام كندا بتوفير مصادر طاقة موثوقة ومستدامة للعالم.