توقع محللو السوق في وكالة رويترز ارتفاع أسعار النفط بما يتراوح بين 3 و5 دولارات للبرميل عند استئناف التداول مساء الأحد، وذلك في أعقاب الهجوم الأمريكي على إيران صباح اليوم الأحد. يعكس هذا الارتفاع المتوقع حالة القلق المتزايدة في الأسواق العالمية بشأن الاستقرار الجيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط، والتي تعد مركزًا حيويًا لإنتاج وتصدير النفط. وتشير التوقعات إلى أن المكاسب قد تتسارع في حال ردت إيران بقوة على الهجوم وتسببت في انقطاع كبير في إمدادات النفط العالمية. هذا السيناريو يثير مخاوف كبيرة لدى المستهلكين والدول المستوردة للنفط، حيث يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الطاقة وتأثيرات سلبية على النمو الاقتصادي العالمي.

 

يأتي هذا التصعيد بعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه "دمر" المواقع النووية الرئيسية لإيران في ضربات ليلية، وذلك في إطار تصعيد للصراع في الشرق الأوسط. وانضمت إسرائيل إلى الهجوم، مما زاد من حدة التوتر في المنطقة. في المقابل، تعهدت طهران بالدفاع عن نفسها، مما يزيد من احتمالية نشوب صراع أوسع نطاقًا. تجدر الإشارة إلى أن إيران تعد ثالث أكبر منتج للنفط الخام في منظمة أوبك، وبالتالي فإن أي اضطرابات في إنتاجها أو صادراتها سيكون لها تأثير كبير على أسعار النفط العالمية. ويزيد من تعقيد الوضع موافقة البرلمان الإيراني على إغلاق مضيق هرمز، وهو ممر ملاحي حيوي يمر عبره جزء كبير من النفط العالمي، مما يهدد بتعطيل الإمدادات ورفع الأسعار بشكل كبير.

 

وقال خورخي ليون، رئيس قسم التحليل الجيوسياسي في ريستاد والمسؤول السابق في أوبك: "من المتوقع ارتفاع أسعار النفط. حتى في غياب رد انتقامي فوري، من المرجح أن تأخذ الأسواق في الاعتبار علاوة مخاطرة جيوسياسية أعلى". وأضاف المحلل في شركة "إس إي بي"، أولي هفالباي، في مذكرة، إن خام برنت القياسي العالمي للنفط قد يرتفع بما يتراوح بين 3 و5 دولارات للبرميل عند افتتاح الأسواق. وكان خام برنت قد استقر عند 77.01 دولارًا للبرميل يوم الجمعة، بينما استقر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي عند 73.84 دولارا. ويعكس هذا التباين في الأسعار حساسية الأسواق للتطورات الجيوسياسية، حيث يرى المستثمرون أن المخاطر المرتبطة بالإمدادات النفطية قد ازدادت بشكل كبير.

 

ويرى أولي هانسن، المحلل في ساكسو بنك، أن أسعار النفط قد تبدأ في الارتفاع بما يتراوح بين 4 و5 دولارات، مع احتمالية تصفية بعض مراكز الشراء. وكانت أسعار الخام قد استقرت يوم الجمعة، بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة متعلقة بإيران، بما في ذلك على كيانين مقرهما في هونغ كونغ، وعقوبات متعلقة بمكافحة الإرهاب، وفقا لإشعار نُشر على موقع وزارة الخزانة الأمريكية. ومنذ بدء الصراع في 13 يونيو، ارتفع خام برنت بنسبة 11%، بينما حقق خام غرب تكساس الوسيط مكاسب بنحو 10%، مع استهداف إسرائيل للمواقع النووية الإيرانية وإصابة صواريخ إيرانية مبانٍ في تل أبيب. وتظهر هذه الأرقام مدى تأثير التوترات الإقليمية على أسواق النفط العالمية.

 

على الرغم من ذلك، أدى استقرار ظروف العرض الحالية وتوافر طاقة إنتاجية احتياطية لدى أعضاء أوبك الآخرين إلى الحد من مكاسب النفط. وقال جيوفاني ستونوفو، المحلل في يو بي إس، إن علاوات المخاطر عادة ما تتلاشى عندما لا تحدث أي اضطرابات في الإمدادات. وأضاف: "سيعتمد اتجاه أسعار النفط من الآن فصاعدا على ما إذا كانت هناك اضطرابات في الإمدادات - مما سيؤدي على الأرجح إلى ارتفاع الأسعار - أو ما إذا كان هناك تهدئة في الصراع، مما يؤدي إلى تلاشي علاوة المخاطر".

 

من جانبه، وافق البرلمان الإيراني على إغلاق مضيق هرمز، تاركا القرار النهائي للسلطات الأمنية، بحسب إعلام إيراني. وأشار بنك SEB إلى أن أي إغلاق للمضيق أو امتداده إلى منتجين إقليميين آخرين من شأنه أن "يرفع أسعار النفط بشكل كبير"، لكنهم اعتبروا هذا السيناريو مخاطرة ثانوية وليس حالة أساسية نظرًا لاعتماد الصين على خام الخليج. ويبقى السؤال الأهم هو كيف ستتعامل الأطراف المعنية مع هذا التصعيد، وما إذا كانت ستنجح في تجنب صراع أوسع نطاقًا يمكن أن يؤدي إلى أزمة طاقة عالمية.