كشفت وكالة بلومبرج أن قطر تجري محادثات متقدمة لاستثمار 3.5 مليار دولار في مشروع سياحي على ساحل البحر المتوسط في مصر، في خطوة تمثل أحدث دعم خليجي محتمل للاقتصاد المصري الذي يعاني من الاضطرابات الناجمة عن النزاعات الإقليمية. يأتي هذا التحرك في وقت بالغ الأهمية بالنسبة لمصر، التي تسعى جاهدة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وسط تحديات متزايدة، بما في ذلك تداعيات الصراعات الإقليمية وتراجع إمدادات الغاز. وتأمل القاهرة في أن يساهم هذا الاستثمار القطري المرتقب في تعزيز قطاع السياحة، وهو قطاع حيوي للاقتصاد المصري، وتوفير فرص عمل جديدة.
وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر، فإن الصفقة المحتملة تشمل تطوير أراض في واحدة من أبرز مناطق العطلات في مصر، ومن المتوقع أن يتم توقيعها قبل نهاية عام 2025. لم يتم حتى الآن تحديد الموقع الدقيق أو مساحة الأرض التي سيشملها المشروع. هذا الاستثمار القطري يأتي في أعقاب استثمار تاريخي بقيمة 35 مليار دولار من دولة الإمارات العربية المتحدة، والذي شمل تطوير مساحات شاسعة من الساحل الشمالي. وكان هذا الاتفاق الإماراتي، الذي أُبرم في أوائل عام 2024، حاسما في مساعدة مصر على التعامل مع أزمة اقتصادية استمرت لعامين، إلى جانب تداعيات الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة.
توقيت حساس للصفقة المصرية القطرية
تأتي المحادثات القطرية في وقت يهدد فيه الصراع المباشر بين إسرائيل وإيران بزيادة الضغوط على القاهرة، مما يُبرز أهمية تأمين تدفقات مستمرة من الاستثمارات الأجنبية. تراجعت سندات مصر الدولارية، وانخفض سعر الجنيه، وسجلت البورصة المصرية أسوأ هبوط لها منذ خمس سنوات عقب شن إسرائيل ضربات جوية غير مسبوقة على إيران الأسبوع الماضي. كما أجبرت تخفيضات في إمدادات الغاز من إسرائيل مصر على وقف الضخ لبعض الصناعات، واللجوء إلى استخدام الديزل في محطات الكهرباء لتفادي انقطاعات التيار التي شهدتها البلاد في صيف السنوات الماضية. وقالت إسرائيل إن بعض الصادرات قد تستأنف في وقت مبكر من اليوم الخميس، مما قد يخفف بعض الضغوط على قطاع الطاقة المصري.
شروط الاتفاق المتوقع بين القاهرة والدوحة
بموجب الاتفاق المتوقع مع قطر، ستقوم الدوحة بتقديم مليار دولار لمصر فور توقيع الصفقة، على أن تحول المبالغ المتبقية خلال الأشهر الـ12 التالية، بحسب بلومبرج. لم يصدر أي تعليق رسمي من المسؤولين في مصر أو قطر ردا على طلبات الاستفسار. وكانت الدولتان قد أعلنتا في أبريل الماضي عزمهما "العمل نحو" ضخ حزمة استثمارية لمصر بقيمة 7.5 مليار دولار، دون تحديد إطار زمني محدد. هذا التعهد السابق يوضح التزام قطر بدعم الاقتصاد المصري، ويعزز الآمال في إتمام الصفقة الحالية.
وفي حال إتمامها، ستمثل الصفقة دورا أكبر للدولة الخليجية الغنية بالطاقة في جهود تعافي مصر، التي تعهدت بإعادة هيكلة اقتصادها القائم على الاستيراد، بعد حصولها على حزمة إنقاذ مالي بقيمة 57 مليار دولار، تشمل دعمًا من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي. تعتبر هذه الحزمة المالية بمثابة شريان حياة للاقتصاد المصري، وتساعد على تخفيف الضغوط الناتجة عن ارتفاع الدين العام وتراجع الاحتياطيات الأجنبية. ومع ذلك، فإن الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مثل الاستثمار القطري المحتمل، تعتبر أكثر استدامة وتأثيرا على المدى الطويل، حيث تساهم في خلق فرص عمل وتعزيز النمو الاقتصادي.