مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، تتجدد الطقوس المرتبطة بهذه المناسبة، وعلى رأسها تحضير الأطباق التقليدية التي ارتبطت بالعيد في وجدان الشعوب العربية، وخصوصًا في مصر. ويُعد طبق "الفتة" أحد أبرز هذه الأطباق، الذي يحرص الكثيرون على وجوده على مائدة أول أيام العيد، بجانب لحوم الأضحية.
"الفتة الدايت".. طقوس العيد بطابع صحي جديد
لكن في ظل التغييرات الاجتماعية والصحية، ومع ارتفاع معدلات الإصابة بالسمنة والسكري وأمراض القلب، بدأ الكثير من الناس، لا سيما في الأوساط الحضرية، يبحثون عن بدائل صحية للأطعمة التقليدية دون التنازل عن المذاق أو القيمة المعنوية لهذه الأطباق ومن هنا، ظهرت "الفتة الدايت" كخيار مبتكر يدمج بين العراقة الغذائية والحفاظ على الصحة العامة.
مكونات خفيفة.. ونكهة مألوفة
يشير الدكتور محمد حلمي، استشاري السمنة والنحافة بجامعة المنصورة، إلى أن الفتة الدايت لا تختلف كثيرًا في شكلها أو مذاقها عن الفتة التقليدية، إلا أنها تعتمد على مكونات صحية أكثر. ففي هذه النسخة يتم استخدام الأرز البني أو الأرز البسمتي بدلاً من الأرز الأبيض، مما يرفع من قيمتها الغذائية ويقلل من تأثيرها على مستويات السكر في الدم.
أما الخبز، الذي عادة ما يُقلى في الزيت أو السمن، فيتم تحميصه في الفتة الدايت داخل الفرن أو على النار بدون زيت، مما يقلل من كمية الدهون المشبعة ويُستبدل السمن البلدي بكمية معتدلة من زيت الزيتون، المعروف بفوائده القلبية والغذائية.
فيما يتعلق باللحم، يُفضل تقديمه مسلوقًا أو مشويًا، مع التخلص من أي دهون ظاهرة، للحصول على بروتين نظيف وخفيف لا يرهق الجهاز الهضمي ولا يرفع من معدلات الكوليسترول.
إقبال متزايد وتجارب مشجعة
في السنوات الأخيرة، بدأت "الفتة الصحية" تكتسب شعبية متزايدة، خاصة بين الشباب والأمهات المهتمات بتغذية أطفالهن وتشير تجارب عدد من العائلات إلى أن هذه النسخة من الفتة نالت إعجاب أفراد الأسرة جميعًا، كبارًا وصغارًا، حيث توفر الطعم المحبب دون أن تسبّب التخمة أو الإحساس بالثقل بعد الأكل.
عدد من ربات البيوت أكدن أن الفتة الدايت أصبحت خيارًا أساسيًا على موائد العيد، خاصة في ظل وجود أفراد من الأسرة يتبعون أنظمة غذائية لإنقاص الوزن، أو يعانون من أمراض مزمنة تستدعي الحذر في نوعية الطعام، مثل السكري وارتفاع ضغط الدم.
التحول نحو ثقافة غذائية جديدة
يشكل انتشار الفتة الدايت جزءًا من تحول أكبر في العادات الغذائية داخل المجتمعات العربية، حيث لم تعد المناسبات والأعياد تقتصرعلى الولائم الدسمة والدهون الزائدة. بل أصبح هناك وعي صحي متزايد يدفع العائلات إلى البحث عن طرق لإعداد أطباقهم المفضلة بأسلوب صحي ومتوازن.
هذا التحول لا يقتصر على الطعام فحسب، بل ينعكس على نمط الحياة ككل، ويعكس رغبة حقيقية في التوفيق بين الطقوس الموروثة والاحتياجات الصحية المعاصرة وقد أصبحت الرسائل المرتبطة بالتغذية الصحية جزءًا من الحملات الإعلامية والإعلانات وحتى النقاشات العائلية، في مشهد يُظهر تطورًا ملحوظًا في الوعي المجتمعي.
فوائد متعددة تتجاوز تقليل السعرات
لا تقتصر أهمية الفتة الدايت على خفض السعرات الحرارية، بل تقدم فوائد غذائية ملموسة. فالأرز البني يحتوي على ألياف غذائية تساعد في تعزيز الشعور بالشبع لفترة أطول، وتحسين الهضم، كما يساهم في تقليل احتمالات ارتفاع السكر المفاجئ في الدم. أما زيت الزيتون، فيوفر دهونًا صحية تقي من أمراض القلب.
إضافة إلى ذلك، فإن تجنب قلي الخبز والسمن البلدي يقلل من الدهون المتحولة، التي ارتبطت في دراسات علمية عديدة بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والكوليسترول.
بين الأصالة والتوازن
ختامًا، تمثل الفتة الدايت أكثر من مجرد وصفة جديدة. إنها انعكاس لمرحلة من التحول الثقافي في طريقة تعامل المجتمع مع الغذاء، حيث لم تعد النكهة وحدها تكفي، بل أصبح البحث عن التوازن بين الأصالة والصحة مطلبًا رئيسيًا.