في سكون الفجر الباكر، وقبل أن تبدأ الشمس بإرسال خيوطها الأولى معلنةً بدء يوم جديد، الثلاثاء الثالث من يونيو 2025، اقتحم هدوء ملايين المصريين شعور مفاجئ وغير مألوف. الأرض اهتزت تحت أقدام البعض، وآخرون استيقظوا على اهتزاز الأثاث أو النوافذ. هذا الشعور، القادم بعد أسبوع واحد فقط من عاصفة الإسكندرية العاتية التي تركت بصماتها على السواحل الشمالية، زاد من حالة التساؤل والقلق اللحظي: ما سر هذه الهزة الغامضة التي ضربت في هذا التوقيت، وهل هي جزء من تقلبات طبيعية متتالية تستدعي ذكر السابقين وحكمتهم في التعامل مع مثل هذه الفترات؟

لم يطل الغموض طويلاً، فسرعان ما بدأت تتكشف خيوط الحقيقة. لم يكن مركز هذا الشعور داخل الأراضي المصرية، بل كان صدى لـ"زلزال" عنيف وقع على بعد مئات الكيلومترات في حوض البحر الأبيض المتوسط. أفادت الشبكة القومية للزلازل التابعة للمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، والمراصد الدولية، بأن هزة أرضية بقوة تراوحت تقديراتها بين 5.8 و 6.6 درجة على مقياس ريختر ضربت منطقة الحدود بين جزر دوديكانيز اليونانية والساحل التركي، قرابة الساعة الثانية وسبع عشرة دقيقة فجراً بتوقيت القاهرة.

هذا "الزلزال" البعيد، وبسبب قوته المعتبرة، تمكن من إرسال موجاته الزلزالية عبر مسافات شاسعة، لتصل إلى السواحل المصرية ومنها إلى عدد من محافظات الدلتا والقاهرة الكبرى. إن توقيت الهزة بعد فترة قصيرة من عاصفة الإسكندرية جعل الكثيرين يستحضرون ذكر السابقين وقصصهم عن تقلبات الطقس والظواهر الطبيعية في "مثل هذه الفترات"، وكيف كانوا يواجهونها بالصبر والدعاء.

فور وقوع الهزة، ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بالاستفسارات، وتحركت المؤسسات المعنية بسرعة. أكد المعهد القومي للبحوث الفلكية أن مصر لم تسجل أي خسائر، وأن الشعور بالهزة كان نتيجة طبيعية لقوة الزلزال في مركزه الأصلي.

وهكذا، انقشع "غموض" زلزال الفجر، ليتبين أنه زائر بعيد. وفيما تستمر الحياة، تبقى تجربة عاصفة الإسكندرية والهزة الأرضية حاضرة، لتذكرنا ليس فقط بقوة الطبيعة، بل أيضًا بأهمية استلهام حكمة الأجداد في مواجهة التحديات الطبيعية.