في مؤتمر صحفي عقده اليوم، كشف الدكتور محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، عن أبرز التحديات التي واجهت المنظومة التعليمية في مصر خلال الأعوام الماضية، إلى جانب الخطط الجارية لإصلاحها، مؤكدًا أن الوزارة تسير نحو هيكلة شاملة تشمل المناهج والحضور المدرسي وآليات التقييم.

 

أكد الوزير أن نسبة حضور الطلاب في السنوات الماضية كانت ضعيفة للغاية، حيث تراوحت بين 9% و15% فقط، وهي نسبة لا تتماشى مع الأهداف التربوية أو معايير جودة التعليم وأشار إلى أن بعض الفصول كانت تضم أكثر من 250 طالبًا، في مشهد يعكس التحدي الكبير في توفير بيئة تعليمية مناسبة، وهو ما ساهم في ضعف التحصيل واتجاه الطلاب نحو الدروس الخصوصية.

 

في إطار حديثه عن أزمات المنظومة، أوضح عبد اللطيف أن عجز المعلمين في المدارس وصل إلى 469 ألف معلم، وهو رقم كبير يعكس مدى الحاجة إلى التوسع في التعيينات وتحسين ظروف المعلمين لكنه في الوقت ذاته أثنى على قدرات الكوادر التعليمية، قائلاً: "المعلمون في مصر من أفضل المعلمين في العالم، ولديهم مواهب كبيرة في التدريس، لكنهم بحاجة إلى دعم وتمكين حقيقي داخل المدارس".

 

واحدة من أبرز خطوات الإصلاح التي استعرضها الوزير كانت إعادة هيكلة الثانوية العامة. فبدلاً من دراسة 32 مادة في العام الواحد، أصبح الطالب يدرس 17 مادة فقط، دون أن يؤثر ذلك على مخرجات التعلم أو نواتج التعليم المستهدفة وأوضح أن هذا التعديل ساهم في تحسين نسبة الحضور، لا سيما في الصفين الأول والثاني الثانوي، فيما يتم إعداد آلية خاصة لحضور الصف الثالث الثانوي في إطار تطبيق نظام البكالوريا المصرية المرتقب.

 

أشار وزير التربية والتعليم إلى أن واقع المدارس من حيث الكثافة ونقص المعلمين لم يكن يسمح للمدرس بشرح المنهج كاملًا، وهو ما أدى إلى لجوء الطلاب إلى الدروس الخصوصية، مؤكدًا أن الوزارة تسعى لمعالجة الأسباب الحقيقية وراء الظاهرة، بدلاً من الاكتفاء بمحاربتها من الخارج.

 

وفي إطار تحسين البيئة التعليمية للتلاميذ الأصغر سنًا، أعلن الوزير عن خطة لإلغاء الفترة المسائية في المدارس الابتدائية خلال عامين فقط، وهو ما يعكس توجه الوزارة إلى توحيد اليوم الدراسي وتحسين أوقات التعلم بما يتماشى مع المرحلة العمرية للطلاب كما من المتوقع أن تسهم هذه الخطوة في تخفيف الضغط على الأبنية التعليمية وتحقيق انضباط أكبر في جداول المعلمين.

 

 أشار الوزير إلى أن نظام البكالوريا، الذي تستعد الوزارة لتطبيقه، سيقدم نموذجًا جديدًا للتعليم الثانوي يعتمد على تنويع المواد، تخفيف الضغط على الطلاب، والربط المباشر بين التعليم وسوق العمل وقال: "من غير المنطقي أن يدرس طالب في الثانوية العامة 34 مادة، في حين أن زميله في البكالوريا الدولية يدرس 8 أو 10 مواد فقط".

 

تصريحات وزير التربية والتعليم تضع الرأي العام أمام صورة واقعية للتحديات، لكنها أيضًا تعكس إرادة واضحة للإصلاح، تبدأ بتقليل عدد المواد، وتوفير معلمين مؤهلين، وتحسين بيئة المدرسة ويبقى السؤال الآن: هل ستنجح الوزارة في تنفيذ هذه التغييرات على أرض الواقع خلال الجدول الزمني المعلن، خصوصًا في ظل التحديات التمويلية والإدارية؟

 

المواطنون والمعلمون والطلاب جميعًا يترقبون التطبيق العملي لما تم الإعلان عنه، على أمل أن تخرج المدرسة المصرية من أزماتها المتراكمة نحو بيئة تعليمية أكثر فاعلية وجودة.