أثارت واقعة دخول سيدة مصرية مصابة بفيروس نقص المناعة البشري (الإيدز) إلى مستشفى قنا العام لإجراء عملية ولادة، حالة من القلق والجدل في الشارع المصري، خصوصًا بعد تداول أنباء حول تقصير المستشفى في اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لحماية الطاقم الطبي والمرضى الآخرين الواقعة تحولت سريعًا إلى قضية رأي عام، وأصبحت محل نقاش في الأوساط الطبية والسياسية، وسط دعوات للمحاسبة والتوضيح.

 

ولادة مريضة مصابة بالإيدز في مستشفى قنا العام تثير جدلاً واسعًا حول تدابير السلامة الصحية

السيدة المصابة بالإيدز، بحسب مديرية الشؤون الصحية بمحافظة قنا، كانت مسجلة رسميًا ضمن البرنامج الوطني لمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية، وتم نقلها إلى مستشفى قنا العام بعد تعرضها لحالة ولادة متعسرة، استدعت تدخلًا طبيًا عاجلًا.

 

بيان مديرية الصحة: التزام بالبروتوكولات

في محاولة للرد على ما تم تداوله من اتهامات، أصدرت مديرية الشؤون الصحية في قنا بيانًا رسميًا، أكدت فيه أن الحالة تم التعامل معها وفقًا لأعلى معايير الجودة الطبية وطبقًا لبروتوكولات وزارة الصحة والسكان؛ وأوضح البيان أن المريضة خضعت لعملية ولادة قيصرية طارئة بعد اتخاذ كافة إجراءات مكافحة العدوى، قبل وأثناء وبعد العملية.

 

وأكدت المديرية كذلك أنه تم عزل الحالة بشكل كامل داخل المستشفى، وتطبيق إجراءات خاصة لضمان سلامة الجنين، في إطار الممارسات الطبية العالمية المعتمدة في مثل هذه الحالات.

 

تحقيق فني من وزارة الصحة

وأشارت مديرية الصحة إلى أن وزارة الصحة والسكان شكلت لجنة فنية متخصصة لمراجعة الحالة، وخلصت إلى أن جميع الإجراءات التي اتخذها المستشفى كانت متوافقة تمامًا مع التعليمات الطبية الرسمية، وتم تنفيذها بشكل احترافي، يعكس جدية التعامل مع حالات العدوى الخطيرة.

 

شكاوى برلمانية واتهامات بالإهمال

رغم التوضيحات الرسمية، تقدم عضو مجلس النواب محمد الجبلاوي بطلب إحاطة موجه إلى رئيس الوزراء ووزير الصحة، أشار فيه إلى ما وصفه بـ"الإهمال الطبي الجسيم" الذي شاب تعامل مستشفى قنا العام مع حالة المريضة.

 

وقال الجبلاوي إن السيدة المصابة لم تُعزل في غرفة منفصلة كما هو متعارف عليه طبيًا، وسُمح لها باستخدام الحمامات العامة للمرضى، كما تم إجراء العملية الجراحية لها دون إجراءات احترازية كافية بحسب وصفه. كما لفت إلى أن مستشفى قنا العام يفتقر إلى التجهيزات اللازمة للتعامل مع مثل هذه الحالات الحساسة والمعقدة.

 

بين الإجراءات الطبية وواقع المستشفيات

الجدل حول الواقعة يعكس تباينًا واضحًا بين ما تقوله الجهات الرسمية، وما يتم تداوله من قبل نواب ومواطنين داخل المحافظة. وبينما تصر وزارة الصحة على أن التعامل مع الحالة تم وفق المعايير والبروتوكولات الدولية، تشير أصوات أخرى إلى نقص في الإمكانيات والتجهيزات داخل المستشفى، ووجود مخاوف حقيقية من انتقال العدوى في غياب عزل صارم وتجهيزات وقائية كافية.

 

الفيروس والوصمة الاجتماعية

الواقعة أيضًا ألقت الضوء مجددًا على الإشكالية الاجتماعية المرتبطة بفيروس الإيدز في مصر، حيث لا يزال المرض يُعامل في كثير من الأوساط بوصمة مجتمعية، رغم الجهود التوعوية.

 

وتخوفات المواطنين من الإصابة مفهومة، لكن الخلط بين المعلومات الطبية الصحيحة والمبالغات يضر بالصحة العامة ويزيد من التوتر المجتمعي.

 

ردود فعل المواطنين

على منصات التواصل الاجتماعي، تباينت ردود الفعل، بين من أشاد بجهود الطاقم الطبي في إنقاذ المريضة والجنين، ومن طالب بفتح تحقيق أوسع في مدى كفاءة إجراءات الوقاية داخل مستشفيات وزارة الصحة، خاصة في المحافظات البعيدة والمناطق التي تعاني ضعفًا في البنية التحتية الصحية.

 

قضية السيدة المصابة بالإيدز في قنا لا تتعلق فقط بإجراء طبي، بل تفتح ملفات أعمق تتعلق بـ:

 

  • قدرة المستشفيات العامة على التعامل مع الأمراض المعدية
  • جاهزية الأطقم الطبية والإدارية في مواجهة الحالات الطارئة
  • الحاجة إلى توعية مجتمعية دقيقة حول طرق انتقال فيروس الإيدز
  • أهمية التعامل الرسمي الشفاف مع القضايا الصحية لتجنب الشائعات

وبينما تؤكد وزارة الصحة التزامها بالإجراءات، تظل الحاجة قائمة لمزيد من الشفافية، والمراجعة الميدانية، والدعم المادي والتقني للمستشفيات العامة، حتى لا يتحول التعامل مع حالات مشابهة إلى أزمة ثقة بين المواطن والمنظومة الصحية.