مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، تتجدد أجواء الإيمان والفرح في قلوب المسلمين، وترفع أصواتهم بالتكبير والتهليل، إحياءً لسنة من أعظم سنن الإسلام، وربطًا بين القلوب والسماء.
التكبير في عيد الأضحى.. شعيرة عظيمة وعبادة متجددة
وقد أصدرت وزارة الأوقاف المصرية بيانًا هامًا يوضح فيه توقيت وصيغة تكبيرات العيد، تأكيدًا على أهمية هذه السنة المباركة في حياة المسلمين، ودعوةً لإحيائها بما يليق بمقامها.
متى تبدأ تكبيرات عيد الأضحى؟
أشارت وزارة الأوقاف في بيانها إلى أن التكبير في العيد سنة مؤكدة في عيد الفطر وعيد الأضحى، إلا أن للتكبير في عيد الأضحى خصوصية من حيث التوقيت، حيث يمتد لفترة أطول، ويشمل أيامًا فاضلة هي أيام عشر ذي الحجة وأيام التشريق.
وأوضح البيان أن وقت التكبير يبدأ من فجر يوم عرفة، وهو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، ويستمر إلى عصر اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، وهو آخر أيام التشريق.
واستندت الوزارة في بيانها إلى ما روي عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أنه كان يكبر من فجر عرفة حتى عصر آخر أيام التشريق، قائلًا: "أنَّه كان يكبر من غَداةِ عَرفةَ إلى صَلاةِ العَصرِ من آخِرِ أيَّامِ التَّشريقِ".
التكبير بعد الصلوات المفروضة
من أهم مظاهر إحياء سنة التكبير في عيد الأضحى، أن يكون بعد الصلوات المفروضة، سواء كانت صلاة فرض في المسجد أو في المنزل فبعد التسليم من الصلاة، يُستحب للمسلم أن يرفع صوته بالتكبير، إظهارًا للفرح والسرور بتمام الطاعة، واغتنامًا لهذه الأيام المباركة.
وتحرص المساجد في هذه الأيام على تذكير المصلين بالتكبير الجماعي بعد الصلوات، لا سيما في صلوات الجماعة، حيث يتردد صدى التكبيرات في أرجاء المدن والقرى، فتُبعث الروح الإيمانية في النفوس، ويعمّ الشعور بالاحتفال الروحي قبل حلول العيد وأثناء أيامه.
صيغ مشروعة للتكبير
وقد تعددت صيغ التكبير الواردة عن الصحابة والعلماء، وكلها صحيحة ومشروعة، ويجوز للمسلم أن يختار منها ما شاء، ومنها:
الصيغة الأولى: "الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد".
وهي من أكثر الصيغ شيوعًا، وقد وردت عن كثير من الصحابة والتابعين، واعتمدتها معظم كتب الفقه.
الصيغة الثانية: "الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد،
الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلا،
لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده،
لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إيَّاهُ، مُخْلِصِين له الدين ولو كره الكافرون،
اللهم صل على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، وعلى أصحاب سيدنا محمد،
وعلى أنصار سيدنا محمد، وعلى أزواج سيدنا محمد، وعلى ذرية سيدنا محمد، وسلم تسليمًا كثيرًا".
وقد أكدت دار الإفتاء المصرية أن هذه الصيغة الأخيرة مشروعة، واستحبها كثير من العلماء، وذكرها الإمام الشافعي في كتبه، وقال عنها: "وإن كَبَّر على ما يكبر عليه الناس اليوم فحسن، وإن زاد تكبيرًا فحسن، وما زاد مع هذا من ذكر الله أحببتُه".
فضل التكبير وأثره في النفوس
لتكبير في أيام العيد ليس مجرد ترديد ألفاظ، بل هو عبادة عظيمة تعبر عن الامتنان لله تعالى، وتُظهر مشاعر العبودية والخضوع لعظمته ففي التكبير إعلان لتوحيد الله، وتكبيره على كل شيء، وذكر له في وقت تُقبل فيه الطاعات وتتضاعف فيه الأجور.
كما أن للتكبير أثرًا نفسيًا بالغًا، إذ يُدخل البهجة والسكينة إلى القلوب، ويشعر المسلم بوحدة الأمة واجتماعها على طاعة الله، لا سيما حين تُردد هذه التكبيرات بصوت واحد في المساجد والساحات.
مع حلول أيام العشر من ذي الحجة، وأيام التشريق التي تلي عيد الأضحى، تُتاح للمسلمين فرصة عظيمة لإحياء سنة التكبير، والنهل من نهر الطاعات، ورفع راية التوحيد في أرجاء الأرض فلترفع الأصوات بالتكبير في البيوت، والمساجد، والأسواق، ولتكن هذه الأيام محطة إيمانية متجددة تُغذّي القلوب وتقرّب النفوس إلى خالقها.
ومن هنا، فإن المحافظة على هذه الشعيرة، والمداومة عليها، والمشاركة فيها، هي صورة من صور التعبير عن الفرح بالطاعة، وعن الشكر لنعم الله، وعن التمسك بهُوية الإسلام وتعاليمه.