في لحظة امتزجت فيها مشاعر الوفاء بالحزن، أعلن النجم التونسي علي معلول رسميًا نهاية رحلته مع النادي الأهلي المصري، بعد مسيرة دامت تسع سنوات داخل جدران القلعة الحمراء قرار رحيل معلول لم يكن سهلًا، لا على اللاعب نفسه، ولا على جماهير الأهلي التي رأت فيه أكثر من مجرد لاعب محترف؛ بل أيقونة للوفاء والانتماء والتفاني في خدمة الكيان.
"علي معلول.. نهاية رحلة أسطورية في القلعة الحمراء"
انضم علي معلول إلى الأهلي في صيف 2016 قادمًا من النادي الرياضي الصفاقسي التونسي، وكان منذ البداية لاعبًا استثنائيًا بفضل أدائه العالي، وقدرته على التمرير وصناعة الأهداف، إلى جانب التزامه الدفاعي، فرض نفسه سريعًا ضمن التشكيلة الأساسية للفريق؛ معلول لم يوقع عقدًا فقط، بل كما قال في رسالته الوداعية، دخل في "عهد مع أمة كاملة، اسمها الأهلي".
أرقام وإنجازات
بلغت مسيرة معلول مع الأهلي ذروتها على جميع الأصعدة فقد شارك في مئات المباريات، وسجل 53 هدفًا، وصنع 85 هدفًا لزملائه. هذا دون أن ننسى تتويجه مع الأهلي بـ22 بطولة، منها الدوري المصري، دوري أبطال أفريقيا، وكأس مصر، والسوبر المصري والأفريقي.
أرقام معلول لم تكن مجرد أرقام جامدة، بل تعبير حي عن تأثيره في الفريق. فمن الجبهة اليسرى كان يشن الهجمات، يرفع العرضيات الدقيقة، وينفذ الكرات الثابتة بمهارة لافتة كان واحدًا من أهم مفاتيح اللعب لدى الأهلي في السنوات الأخيرة، ودائمًا ما يُعتمد عليه في المباريات الحاسمة.
رسالة وداع مؤثرة
اختار علي معلول أن يودع جماهير الأهلي برسالة عاطفية نشرها عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك"، جاء فيها الكثير من العبارات التي عبرت عن عمق العلاقة التي تربطه بالنادي وجماهيره كتب يقول: "جمهور الأهلي العظيم، تم تبليغي رسميًا بانتهاء مشواري مع الأهلي" ثم تابع: "كنتم لي الوطن حين ابتعدت المسافات، والدفء حين قست المباريات... فإن كانت المسيرة تُقاس بالسنوات، فإن ما بيننا لا يُقاس إلا بالمحبة والوفاء".
في كلماته الأخيرة، قال معلول إنه لم يكن مجرد لاعب محترف، بل عاشق ارتدى القميص الأحمر كما يرتدى القلب، وودع النادي وكأنه يودع جزءًا من روحه، مؤكدًا أن صوته سيبقى في مدرجات الجمهور، وقلبه سيظل ينبض باسم الأهلي.
مكانة خاصة في قلوب الجماهير
يحظى علي معلول بمكانة كبيرة بين جماهير الأهلي، وهي مكانة لم تأت من فراغ، بل من سنوات من الالتزام والإخلاص والعطاء المتواصل لم يكن أبدًا ذلك اللاعب الذي يتعامل مع الكرة كمجرد وظيفة، بل كان يقاتل في كل مباراة، ويحتفل بكل هدف وكأنه مشجع قبل أن يكون لاعبًا.
لم يكن من السهل على جماهير الأهلي تقبّل فكرة رحيله، خاصة أنه لم يظهر أي علامات للتراجع الفني، وظل على مدار السنوات يقدم أداءً ثابتًا، سواء على المستوى المحلي أو القاري؛ لكن كما قال هو نفسه، فإن لكل مسيرة نهاية، حتى لو كانت مليئة بالحب والنجاحات.
معلول والروح الأهلاوية
من أهم ما ميز علي معلول هو فهمه العميق لثقافة النادي الأهلي. لم يكن يتعامل مع الشعارات على أنها كلمات جوفاء، بل جسدها في كل تصرف داخل وخارج الملعب الروح، الإصرار، اللعب حتى آخر دقيقة، والالتزام بالمسؤولية، كلها قيم حملها معلول طوال مشواره.
وفي لحظات كثيرة، ظهر وكأنه واحد من أبناء النادي الذين تربوا داخله، لا مجرد لاعب أجنبي جاء لخوض تجربة احترافية وربما هذا ما جعل رحيله يُشعر الجماهير وكأن أحد رموز النادي قد غادر، لا مجرد ظهير أيسر.
ماذا بعد معلول؟
رحيل علي معلول يفتح باب التساؤلات حول بديله في الجبهة اليسرى، وهل يستطيع أي لاعب سد هذا الفراغ الكبير؟ من المؤكد أن الأهلي كنادٍ يملك بنية تحتية قوية وقاعدة من اللاعبين الشباب، لكن ما قدّمه معلول في السنوات الماضية جعل سقف التوقعات مرتفعًا جدًا.
سيكون على الإدارة والجهاز الفني التفكير بجدية في التعاقد مع لاعب يستطيع على الأقل الاقتراب من مستوى علي معلول، سواء من الناحية الفنية أو الذهنية، حتى يستمر الفريق في تقديم الأداء الذي اعتادت عليه جماهيره.