تعد العشر الأول من شهر ذي الحجة من أعظم الأيام وأحبها إلى الله عز وجل، وقد خصها سبحانه وتعالى بفضائل عظيمة، وجعلها موسمًا للتقرب والتوبة والعمل الصالح، يجتمع فيها من أنواع العبادات ما لا يجتمع في غيرها من أيام السنة، من صلاة وصيام وصدقة وذكر وحج.

 

قال الله تعالى: "والفجر * وليالٍ عشر" (سورة الفجر: 1-2)، وقد أجمع جمهور المفسرين، ومنهم ابن عباس رضي الله عنه، على أن المقصود بـ"الليالي العشر" هي العشر الأول من ذي الحجة، وهذا وحده دليل على عِظَم شأنها عند الله.

 

فضل العمل في هذه الأيام


عن ابن عباس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام"، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء" (رواه البخاري).

 

وفي هذه الأيام العظيمة تتعدد أبواب الطاعات، وتتنوع القربات، فيغتنمها المؤمن الصادق للتوبة، والتقرب إلى الله، وتكثير الأعمال الصالحة.

 

أبرز الطاعات في العشر الأوائل من ذي الحجة


الصلاة:
الحرص على أدائها في وقتها، وخاصةً صلاة الفجر والعشاء في جماعة، فهي من أحب الأعمال إلى الله.

 

الصيام:
وهو من أفضل الأعمال، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم التسع من ذي الحجة كما ثبت عن بعض أزواجه.
ويعد صيام يوم عرفة (التاسع من ذي الحجة) من أعظم القربات، قال صلى الله عليه وسلم:
"صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفّر السنة التي قبله والسنة التي بعده" (رواه مسلم).

 

الذكر والتكبير والتهليل:

ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد"، ومن صيغ التكبير: "الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد".

 

الصدقة:
إخراج الصدقات ومساعدة الفقراء والمحتاجين، وهي من أحب الأعمال التي تطفئ غضب الله، وتفتح أبواب الرحمة.

 

قراءة القرآن:
الإكثار من تلاوته وتدبره، فهو غذاء الروح وراحة القلب، وخاصة في الأيام المباركة التي يضاعف فيها الأجر.

 

الدعاء والاستغفار:
هذه الأيام فرصة عظيمة لتكثير الدعاء، وخاصة في الثلث الأخير من الليل، وأوقات الإجابة، فالله قريب يجيب دعوة الداع إذا دعاه.

 

الحج والعمرة:
لمن استطاع إليه سبيلاً، فإن الحج في هذه الأيام هو من أعظم القربات، وهو الركن الخامس من أركان الإسلام، ومن حرم الحج، فليُكثر من الطاعات الأخرى لعل الله يكتب له أجر الحجيج بنيته.

 

التنبيه على صيام يوم العيد


وقد حذر الدكتور علي عبد الموجود نور الدين، عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بسوهاج، من صيام اليوم العاشر من ذي الحجة، وهو يوم عيد الأضحى، مؤكدًا أنه حرام شرعًا، كما ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يوم العيد، إذ هو يوم فرح وتوسعة وصلة أرحام.

 

كيف نحيي العشر من ذي الحجة؟


ينبغي على كل مسلم أن يغتنم هذا الموسم العظيم، فلا يضيع منه ساعة إلا وهو مقبل على الله، في عبادة أو صدقة أو تسبيح أو دعاء، فهذه أيام قليلة لكنها تفتح أبوابًا واسعة من الرحمة والمغفرة والعتق من النار.

 

فلنجاهد أنفسنا على الطاعة، ولنعود جوارحنا على الذكر والقيام، ولنجعل من هذه الأيام بداية جديدة في علاقتنا مع الله، ومن لم يستطع الحج، فليكثر من الطاعة في بيته، فباب الأجر مفتوح، ورحمة الله واسعة.

 

اللهم بارك لنا في أيام ذي الحجة، وأعنا فيها على طاعتك، ولا تحرمنا أجرها، واكتب لنا فيها عتقًا من النار ومغفرة لا ترد.