وجه الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، رسالة حادة إلى عالم الآثار الدكتور زاهي حواس، شكك خلالها في صحة نظرية نقل الأحجار الضخمة المستخدمة في بناء الأهرامات من أسوان إلى الجيزة عبر نهر النيل أثناء موسم الفيضان.
وأكد نور الدين أن هذه الفرضية غير منطقية من الناحية العلمية والهيدرولوجية، وأنها تتطلب تفسيرًا أقوى وأكثر إقناعًا مما يقدمه زاهي حواس.
وأوضح نور الدين أن فيضان النيل كان في الماضي ظاهرة شديدة القوة، تتدفق فيها المياه بسرعة كبيرة وتخرج عن مجراها الطبيعي، ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى موت مئات وربما آلاف المصريين سنويًا.
وأضاف أن هذه الظروف الطبيعية تجعل من الصعب، بل من المستحيل، أن تتمكن السفن الفرعونية من الإبحار في مثل هذه المياه العنيفة وهي محملة بأحجار تزن 40 طنًا أو أكثر.
وتساءل نور الدين عن طبيعة السفن التي استخدمها الفراعنة لنقل هذه الأحجار الضخمة، مشيرًا إلى أنه من غير المعروف كيف كانت هذه السفن تتحمل مثل هذا الوزن الثقيل، وكيف تم تحميل الحجر أصلاً على ظهرها، وكم من الرجال والرافعات تطلب الأمر.
كما أبدى استغرابه من قدرة تلك السفن على الإبحار وسط التيارات القوية دون أن تجرفها المياه أو تغمرها بالطمي أو تغرقها بالكامل.
وفي معرض انتقاده، قال نور الدين: "أنا أؤمن بعظمة الفراعنة وبأنهم أصحاب حضارة لا نظير لها، ولكن لا يمكن تجاهل الطبيعة القاسية للفيضان في تلك الحقبة".
وأوضح أن مياه النيل أثناء الفيضان كانت تمتد عرضًا وتفيض على جانبي النهر، ما يصعّب من السيطرة على اتجاه السفن، خاصة المحملة بأوزان هائلة، ويزيد من احتمالات الغرق والانحراف عن المسار.
وأشار إلى أن موسم الفيضان كان يستمر من يوليو حتى سبتمبر، وهي فترة تشتد فيها التيارات وتفقد النهر هدوءه، ليبدأ الاستقرار المائي تدريجيًا في أكتوبر.
وأضاف أن هذه الفترة تنور الدينعد بالنسبة
للمصرين فترة حرجة، حيث يبدأون بعدها مباشرة في تجهيز الأراضي لزراعة محاصيل الشتاء مثل القمح والفول والعدس، ما يعني أن الوقت المتاح للنقل أو البناء كان محدودًا للغاية.
من جانبه، يصر الدكتور زاهي حواس على صحة نظريته، مؤكدًا أن الفراعنة استغلوا موسم الفيضان في تسهيل عملية نقل الأحجار، خاصة من محاجر طرة القريبة من الجيزة، وليس فقط من أسوان.
ويرى أن ارتفاع منسوب المياه خلال الفيضان ساعد في تقريب مجرى النيل من موقع البناء، ما خفف من عبء النقل البري.
ومع ذلك، يصر الدكتور نادر نور الدين على أن نظرية حواس تفتقر للدقة، مطالبًا بالبحث عن تفسير علمي أكثر واقعية لعملية نقل الحجارة، بعيدًا عن التصورات التي قد تتجاهل الطبيعة القاسية للنهر في تلك الفترة.
ويرى أن الحل قد يكون في وجود طرق بديلة أو وسائل تكنولوجية لم تُكتشف بعد استخدمها الفراعنة، بدلًا من تعميم سيناريو لا تصمد مكوناته أمام التحليل العلمي والجيولوجي.
النقاش لا يزال مفتوحًا، في انتظار أن تجيب الاكتشافات الأثرية المستقبلية عن سؤال لطالما حير العلماء: كيف تمكن المصريون القدماء من تشييد معجزة معمارية بحجم الأهرامات؟