كشفت لائحة اتهام صادرة عن هيئة محلفين كبرى في محكمة اتحادية بولاية فرجينيا الأمريكية، عن تفاصيل مخطط إجرامي دولي معقّد، يربط بين تجار مخدرات، جماعات متمردة، وأنظمة مارقة على امتداد أربع قارات، بهدف مبادلة مئات الكيلوغرامات من الكوكايين بأسلحة مصدرها الترسانة السورية، المرتبطة ببقايا نظام الرئيس السوري المخلوع.

 

التحقيقات، التي نشرتها صحيفة نيويورك تايمز، سلطت الضوء على محاولة إدخال شحنة من الكوكايين إلى سوريا، مخبأة داخل حاوية شحن مدعاة بأنها محملة بالفاكهة، مقابل تسليم أسلحة لجيش التحرير الوطني الكولومبي، إحدى أخطر الجماعات المسلحة في أمريكا اللاتينية.

 

أنطوان قسيس، المواطن اللبناني الذي وصفه الادعاء بأنه تاجر مخدرات وعضو فاعل في شبكة تبييض أموال دولية، كان من بين ثلاثة رجال متهمين رسميًا في هذا المخطط. وظهر قسيس أمام المحكمة الأمريكية يوم الجمعة بعد تسليمه من كينيا، حيث جرى اعتقاله في وقت سابق من العام بناءً على طلب أمريكي وإشعار من الإنتربول.

 

وبحسب الادعاء، فإن قسيس نسّق مع كل من عليريو رافائيل كوينتيرو، ووسام نجيب خرفان، في اتفاق تم خلال ربيع 2024، استُخدمت فيه علاقات قسيس مع مسؤولين في النظام السوري السابق لتوفير أسلحة عسكرية إلى جيش التحرير الوطني، مقابل شحنات كوكايين يتم تصديرها إلى منطقة الشرق الأوسط.

 

وفقًا للائحة الاتهام، تضمنت الصفقة استيراد حاوية شحن من كولومبيا إلى ميناء اللاذقية السوري، تحمل ظاهريًا شحنة من الفواكه، لكنها كانت تخفي في داخلها نحو 500 كغم من الكوكايين، كانت موجهة لتوزيعها في المنطقة تحت إشراف قسيس.

 

ومن خلال هذه العملية، كانت الأسلحة السورية التي يُعتقد أنها من مخزونات تلقتها دمشق سابقًا من روسيا وإيران  ستنقل إلى الجماعة الكولومبية المسلحة كوسيلة للدفع، في واحدة من أعقد عمليات التمويل غير المشروع باستخدام الأسلحة والمخدرات.

 

ما يزيد من خطورة القضية هو ما كشفه الادعاء حول استمرار وصول قسيس إلى أسلحة من الترسانة السورية، حتى بعد الإطاحة بالرئيس السوري المخلوع في ديسمبر 2024 ويشير هذا إلى فراغ أمني خطير سمح بتسريب أسلحة حساسة من مخازن كانت خاضعة للجيش السوري.

 

ويُعد هذا التطور مؤشراً على حجم التهديد الناتج عن تحول بعض مناطق النزاع السابقة إلى بؤر للاتجار غير المشروع بالسلاح، وهو ما يؤكده التقرير من خلال الإشارة إلى نشاط قسيس في دول مثل كينيا، لبنان، المغرب، غانا، كولومبيا، وسوريا.

 

من أبرز ما ورد في لائحة الاتهام هو الربط بين هذه الشبكة وبين كل من:

 

جيش التحرير الوطني الكولومبي (E.L.N)، المصنف كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة.

كارتل سينالوا المكسيكي، أحد أقوى وأخطر الكيانات الإجرامية في العالم.

 

تظهر الاتهامات كيف باتت المنظمات الإجرامية والإرهابية تتقاطع مصالحها في تجارة المخدرات والسلاح، مستغلة الثغرات القانونية، والصراعات السياسية، وغياب الرقابة في بعض الدول.

 

وفقًا لبيان مديرية التحقيقات الجنائية الكينية، فإن عملية القبض على قسيس جرت في أحد فنادق كينيا، بعد تعقبه من قبل المحققين الكينيين، استجابة لإشعار الإنتربول الذي أصدرته الولايات المتحدة وتم تسليمه لاحقًا إلى القضاء الأمريكي لمواجهة تهم تتعلق بـ:

 

تقديم دعم مادي لمنظمة إرهابية أجنبية

رسالة قوية من وزارة العدل الأمريكية

 

قال ممثلو الادعاء إن هذه القضية "تكشف بوضوح الروابط بين الجريمة المنظمة والإرهاب والأنظمة المارقة"، مؤكدين أن وزارة العدل ستلاحق أي جهة تسعى لتهديد الأمن العالمي عبر تجارة السلاح والمخدرات.