كشفت محافظة الإسكندرية، على لسان محافظها الفريق أحمد خالد، عن رقم صادم يعكس حجم الخطر الساكن بين جنبات المدينة الساحلية المصرية، حيث أكد وجود 24,108 عقارات آيلة للسقوط، في واحدة من أخطر الأزمات التي تواجه البنية العمرانية في المدينة، والتي تعاني تاريخيًا من مشاكل في البناء العشوائي والمخالفات الإنشائية.
وأشار المحافظ، خلال كلمته أمام اللجنة المشتركة من لجان الإسكان والإدارة المحلية والشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، إلى أن 8 آلاف من هذه العقارات صدرت بشأنها قرارات إزالة، تتنوع ما بين إزالة كلية أو جزئية، وفقًا للحالة الفنية والإنشائية.
وأكد الفريق أحمد خالد على استمرار الحملات المكثفة لإزالة التعديات على الأراضي الزراعية، ومواجهة البناء دون ترخيص بكل حزم، مشددًا على تطبيق القانون دون تهاون، وإزالة أي مخالفات فورًا من المهد، بالتنسيق بين الجهات التنفيذية والأمنية.
وأشار المحافظ إلى تكليف رؤساء الأحياء بتكثيف المرور الميداني لرصد أي مخالفات أو محاولات بناء جديدة دون ترخيص، مع متابعة العقارات المتهالكة والبدء في تنفيذ قرارات الإزالة وفق الإجراءات القانونية، منعًا لتكرار كوارث انهيار المباني التي أودت سابقًا بحياة عشرات المواطنين.
المخاوف الشعبية تصاعدت خلال الأيام الماضية بعد تداول مقطع مصور يظهر عقارًا مائلًا في منطقة محرم بك، وسط الإسكندرية، ما أثار حالة من الذعر بين السكان، خاصة بعد ظهور تشققات واضحة على جدران المبنى وتحركه من وضعه الرأسي.
وتبين أن هذا العقار ليس الوحيد، حيث سبقه ظهور حالات مماثلة في مناطق كوم الشقافة بالأزاريطة وكفر عشري بكرموز، لتُعلن المحافظة حينها عن تشكيل لجنة فنية لمراجعة العقارات المائلة وحصرها تمهيدًا للتعامل معها سواء بالإزالة أو الترميم.
بحسب النائب البرلماني عن الإسكندرية، محمد جبريل، فإن الأزمة لا تقتصر فقط على العقارات المخالفة التي شيدت مؤخرًا، بل تمتد إلى آلاف العقارات القديمة جدًا، والتي يعود عمر بعضها إلى أكثر من 90 عامًا، خاصة في مناطق حي غرب وكرموز واللبان ومحرم بك، وهي من أكثر المناطق تضررًا.
وأضاف جبريل في طلب إحاطة تقدم به لمجلس النواب، أن بعض العقارات المائلة لا يتجاوز عمرها 10 أو 15 عامًا، مما يعكس وجود خلل كبير في عملية البناء والإشراف الهندسي، مشددًا على أن الفساد والرشاوى والتقاعس الإداري هي أبرز أسباب تفشي هذه الظاهرة.
وأشار النائب إلى أن حي غرب فقط يضم نحو 7 آلاف عقار قديم صدرت بشأنها قرارات إزالة، لكنها لم تُنفذ بالكامل بسبب ضعف الإمكانيات، والاكتفاء في الغالب بإزالة الأجزاء المتهالكة فقط بدلاً من هدم المبنى حتى سطح الأرض كما يجب.
طالب النائب جبريل لجان العقارات الآيلة للسقوط في مختلف الأحياء بسرعة إصدار قرارات واضحة ونهائية بشأن وضع كل عقار، سواء بالإزالة الكلية، أو الجزئية، أو الترميم الكامل، مع اعتماد تقارير من لجان هندسية محايدة لضمان الشفافية والدقة في التقييم.
كما شدد على ضرورة توفير سكن بديل للأسر التي يتم إخلاؤها من العقارات المهددة بالسقوط، حتى لا تتحول القضية إلى أزمة إنسانية جديدة، داعيًا الحكومة لوضع خطة عاجلة لإنقاذ أرواح المواطنين وإنهاء ملف العشوائيات والمباني الخطرة.
تظل أزمة العقارات الآيلة للسقوط في الإسكندرية قنبلة موقوتة تهدد أرواح الآلاف، خاصة في ظل استمرار البناء العشوائي وضعف الرقابة في فترات سابقة. وبينما تتخذ المحافظة خطوات جدية لرصد الظاهرة والتعامل معها، تبقى الإرادة السياسية والدعم الحكومي الحاسمين هما الأمل الوحيد لإنقاذ مدينة بأكملها من كارثة محتملة.