في خطوة غير مسبوقة في تاريخ كرة القدم البرازيلية، أعلن الاتحاد البرازيلي لكرة القدم مساء اليوم الإثنين، عن تعيين المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي مديرًا فنيًا جديدًا للمنتخب الأول، بعقد يمتد حتى نهائيات كأس العالم 2026.

 

كارلو أنشيلوتي مديرًا فنيًا للبرازيل: نقطة تحوّل تاريخية في قيادة السيليساو نحو مونديال 2026

جاء هذا الإعلان الرسمي خلال مؤتمر صحفي عُقد في العاصمة ريو دي جانيرو، ليكون أنشيلوتي أول مدرب أجنبي يتولى تدريب المنتخب البرازيلي منذ أكثر من ستة عقود.

 

الحدث لم يكن عاديًا فقط لكونه تغييرًا فنيًا، بل لأنه يحمل بعدًا تاريخيًا يعكس تحولًا في فلسفة كرة القدم البرازيلية، ويطرح تساؤلات كثيرة حول مدى قدرة أنشيلوتي على استعادة بريق السيليساو الغائب عن المنصات العالمية منذ سنوات.

 

أنشيلوتي يغادر ريال مدريد لكتابة فصل جديد مع البرازيل

الإعلان جاء بعد تأكيد أنشيلوتي أنه سينهي مشواره مع نادي ريال مدريد الإسباني بنهاية الموسم الجاري، ليبدأ رحلة جديدة في عالم التدريب الدولي، وهذه المرة مع أنجح منتخب في تاريخ كأس العالم، البرازيل، الذي تُوّج باللقب خمس مرات.

 

وكانت العلاقة بين الاتحاد البرازيلي وأنشيلوتي قد بدأت منذ فترة طويلة، لكن الإعلان الرسمي تأجل حتى انتهاء التزاماته مع النادي الملكي والآن، وبعد سنوات طويلة من الإنجازات مع أندية النخبة في أوروبا، يستعد "كارليتو" لخوض أولى تجاربه على رأس منتخب وطني.

 

تقديم رسمي بحضور سكولاري

جاء تقديم المدرب الإيطالي في أجواء احتفالية رسمية، حيث حرص الاتحاد البرازيلي على تنظيم مؤتمر صحفي ضخم بحضور عدد من رموز كرة القدم البرازيلية، أبرزهم المدرب المخضرم لويس فيليبي سكولاري، الذي قاد البرازيل لتحقيق لقبها الخامس في كأس العالم 2002.

 

وجود سكولاري في المؤتمر حمل دلالات رمزية كبيرة، باعتباره أحد أبرز من خلدوا أسماءهم في تاريخ السيليساو، وربما في محاولة لربط الماضي الذهبي بالمستقبل المنتظر تحت قيادة أنشيلوتي.

 

مهمة غير تقليدية... وتحديات ضخمة

تعيين أنشيلوتي لا يعد فقط مفاجأة، بل هو مغامرة محسوبة من الاتحاد البرازيلي في ظل الضغط الجماهيري والإعلامي المتزايد لإعادة المنتخب إلى موقعه الطبيعي بين عمالقة اللعبة.

 

وتراهن الجماهير البرازيلية على خبرة أنشيلوتي الكبيرة، خصوصًا في التعامل مع النجوم، وقيادته لفرق مثل ميلان، تشيلسي، باريس سان جيرمان، بايرن ميونيخ، وأخيرًا ريال مدريد.

 

كما يعرف عنه قدرته على بناء فرق متوازنة تجمع بين الصلابة والانضباط الدفاعي، واللمسة الإبداعية الهجومية، وهي عناصر طالما ميزت كرة القدم البرازيلية.

 

لكن مهمته لن تكون سهلة، خاصة أن البرازيل لم تنجح في تجاوز دور ربع النهائي في آخر أربع نسخ من كأس العالم، بالإضافة إلى غيابها عن منصات التتويج في بطولة كوبا أمريكا الأخيرة.

 

أول مدرب أجنبي منذ أكثر من 60 عامًا

تعيين أنشيلوتي يمثل كسرًا لواحدة من أقدم القواعد غير المعلنة في الكرة البرازيلية، حيث اعتاد السيليساو على الاستعانة بمدربين وطنيين، منذ نشأته؛ لكن التراجع في الأداء والنتائج خلال السنوات الأخيرة، وخاصة بعد الخروج المرير من مونديال قطر 2022، جعل الاتحاد يعيد النظر في فلسفته الفنية.

 

ويرى البعض أن اللجوء إلى مدرب أجنبي، لا سيما من طراز عالمي مثل أنشيلوتي، يشير إلى رغبة حقيقية في التغيير الجذري، ومواجهة التحديات بمنهجية جديدة تدمج بين الثقافة البرازيلية الكروية، والانضباط الأوروبي التكتيكي.