في خطوة قد ينظر إليها ظاهريًا على أنها خسارة فنية، يخطط النادي الأهلي السعودي لبيع نجمه الإسباني الشاب غابري فيغا، بعد موسم واحد فقط على انضمامه إلى الفريق، وذلك بحسب ما كشفت صحيفة "أوغوغو" البرتغالية، التي أشارت إلى دخول ناديا بورتو البرتغالي وكومو الإيطالي على خط المفاوضات، وسط تأكيدات بأن "الراقي" حدّد مبلغ 23 مليون يورو للموافقة على إتمام الصفقة.
وبعيدًا عن الحسابات المالية المباشرة، فإن خطوة رحيل فيغا بهذا الشكل، وفي هذا التوقيت، قد تمثل نقطة تحول استراتيجية في سياسة الأهلي على المدى البعيد، وتكسب النادي مكاسب نوعية تتجاوز حدود الملاعب، وتكرس حضوره كقوة صاعدة في سوق كرة القدم العالمي.
حين انتقل غابري فيغا إلى الأهلي صيف 2023 قادمًا من سيلتا فيغو، كان يُنظر للصفقة على أنها "مفاجأة"، خصوصًا أن اللاعب كان هدفًا لأندية مثل مانشستر سيتي ونابولي. واليوم، بعدما برز مجددًا في الدوري السعودي، وأصبح محل اهتمام أندية أوروبية من جديد، فإن رحيله إلى نادي أوروبي كبير سيعيد تسليط الضوء على "الراقي" كوجهة لتطوير المواهب وليس فقط استقطاب النجوم المخضرمين.
هذا النموذج يشبه ما تقوم به أندية مثل بنفيكا وبورتو، التي تُعيد تصدير المواهب إلى السوق الأوروبي بسعر أعلى بعد صقلها وتطويرها، وهو ما يعزز من سمعة الأهلي في هذا الجانب.
التفاوض مع أندية بحجم بورتو، المعروف بخبرته في بيع وتطوير اللاعبين، أو كومو المدعوم بإدارة أوروبية تسعى للتميز في الكالتشيو، سيعزز بلا شك من العلاقات التكتيكية التي يبنيها الأهلي مع الكرة الأوروبية.
هذه العلاقات قد لا تتوقف عند صفقة فيغا، بل من الممكن أن تثمر عن تعاونات مستقبلية في الإعارات، المعسكرات، المباريات الودية، أو حتى تبادل الكفاءات الإدارية والفنية، وهو أمر بدأت الأندية السعودية بالفعل في استثماره بالتزامن مع التوسع في مشروع دوري روشن للمحترفين.
حين تطلب إدارة الأهلي مبلغ 23 مليون يورو مقابل لاعب لم يكمل موسمه الأول، فهذا يعكس قوة موقفها التفاوضي وفهمها العميق لقيمة أصولها الرياضية ليس من السهل أن تقنع أندية أوروبية بدفع هذا الرقم، إلا إذا كان العرض مقنعًا من جميع الجوانب الفنية والتسويقية.
هذا الموقف يعطي انطباعًا بأن الأهلي لم يعد ناديًا "يُستهان به" في سوق الانتقالات، بل أصبح كيانًا يُدير ملفاته بصرامة واحترافية، ويجبر الأندية الأخرى على الالتزام بقواعد السوق والتفاوض من منطق الندية.
خوض مفاوضات مع أطراف أوروبية، وخاصة مع إدارات عريقة تجيد التحايل على البنود القانونية والمالية، يعني أن إدارة الأهلي تدخل في مدرسة عملية كبرى في عالم التفاوض الاحترافي.
هذه التجربة ستفيد النادي مستقبلاً عند محاولة استقدام لاعبين من أوروبا أو بيعهم، إذ ستعرف الإدارة كيف تضع بنود حماية مستقبلية، أو حوافز إضافية ترفع القيمة لاحقًا، كما ستمتلك شبكة علاقات تُمكنها من عقد صفقات أكثر فاعلية بأقل تكلفة.
قد يرحل غابري فيغا عن الأهلي، ويُقال إن الفريق خسر موهبة شابة مؤثرة في خط الوسط، لكن الحقيقة أن هذا الرحيل هو بمثابة "استثمار استراتيجي" طويل الأمد.
استثمار في بناء هوية جديدة للنادي، تؤكد أنه لا يقتصر على شراء اللاعبين بل يعرف متى يبيعهم، ويعرف كيف يؤسس لنفسه مكانة مؤثرة في السوق، تكسبه احترام الجميع هذه هي الصورة التي يريد الأهلي ترسيخها، والتي قد تكون أعظم مكسب من صفقة انتقال فيغا، حتى قبل وصول الملايين إلى الحساب البنكي.