في ليلة آسيوية لا تنسى، قاد المدرب البرتغالي جورج جيسوس فريقه الهلال السعودي إلى أكبر انتصار في النسخة الحالية من دوري أبطال آسيا، بعدما أمطر شباك غوانغجو الكوري الجنوبي بسبعة أهداف دون مقابل، في مواجهة احتضنها ملعب الجوهرة المشعة بمدينة جدة، ليحجز الزعيم أول بطاقات نصف النهائي في البطولة القارية.

 

هذا الانتصار الكاسح لم يكن مجرد تأهل معتاد، بل حمل في طياته رسائل فنية ونفسية حادة، خاصة في ظل الأجواء المشحونة التي سبقت اللقاء، سواء من جانب تصريحات مدرب الفريق الكوري، أو من خلال الشكوك التي لاحقت جيسوس في الآونة الأخيرة، بشأن استمراره مع الهلال.

 

الهلال ظهر بأفضل نسخة له هذا الموسم، وفرض سيطرته منذ اللحظات الأولى، ونجح لاعبوه في تسجيل هدف تقريبًا كل 13 دقيقة، في دلالة واضحة على التناغم التكتيكي والتركيز الذهني العالي الذي خاض به الفريق اللقاء.

 

تعددت أسماء المسجلين وتألق جواو كانسيلو بشكل لافت، في رد مباشر على تصريحات مدرب غوانغجو لي يونغ هيو، الذي كان قد حدد كانسيلو كـ"نقطة القوة الوحيدة" في الهلال، وأكد أن الضغط عليه سيربك الفريق بأكمله.

 

لكن الحقيقة على أرض الملعب جاءت مغايرة تمامًا، حيث قدم كانسيلو واحدة من أفضل مبارياته هذا الموسم، سواء على مستوى صناعة اللعب أو التغطية الدفاعية، ما جعل حديث المدرب الكوري يبدو نظريًا لا أكثر.

 

ما بعد المباراة كان أكثر سخونة من دقائقها التسعين، إذ لم يُخفِ جيسوس امتعاضه من تصريحات ما قبل اللقاء، سواء من المدرب الكوري أو من بعض لاعبي غوانغجو الذين أبدوا ثقة مفرطة بإمكانية إقصاء الهلال.

 

فور صافرة النهاية، توجه جيسوس مباشرة إلى مدرب الفريق الكوري، ووجه له إشارة بيده تطالبه بالصمت، في رد لاذع على تصريحاته "الثرثارة" كما وصفها جيسوس لاحقًا والتي أكد أنها كانت دافعًا إضافيًا لتحفيز لاعبيه.

 

الأمر لم يتوقف عند ذلك، إذ رفض جيسوس مصافحة لي يونغ هيو، واكتفى بالنظر إليه بازدراء قبل أن يغادر إلى أرض الملعب ثم ظهر في لقطة مثيرة أخرى وهو يبحث عن أحد لاعبي غوانغجو من خلال رقم قميصه، في محاولة لمعرفة من الذي صرّح بأن فريقه قادر على إخراج الهلال، وقال: "أردت فقط أن أُعرّف هذا اللاعب على معنى التواضع".

 

على مدار الأسابيع الماضية، تصاعدت الأصوات التي تطالب إدارة الهلال بإقالة جيسوس، خاصة بعد بعض التراجع في الأداء وتردد شائعات عن اقترابه من الرحيل، لكن ما حدث أمام غوانغجو، أعاد المدرب البرتغالي إلى الواجهة بقوة، وأعاد جسور الثقة مع الجماهير التي بدأت تتساءل إن كان هذا الأداء هو بداية جديدة، لا نهاية مرتقبة.

 

فقد بدا الفريق أكثر شراسة وتنظيمًا، مع وضوح في الرؤية الفنية، وتنوع في أساليب اللعب، مما يطرح تساؤلات حول قدرة الهلال على حصد اللقب القاري للمرة الخامسة في تاريخه.

 

بانتظار الهلال الآن هوية خصمه في نصف النهائي، والتي ستحسمها مباراة الغد بين الأهلي السعودي وبوريرام التايلاندي، في مواجهة مرتقبة تُقام أيضًا على ملعب الجوهرة المشعة.


سواء كانت المواجهة سعودية خالصة أو خليجية آسيوية، فإن الهلال يبدو الآن في أفضل حالاته الذهنية والفنية، ما يجعله أحد أبرز المرشحين للتتويج في النسخة الجديدة من دوري الأبطال.