أعلنت وزارة السياحة والآثار الفلسطينية عن اكتشاف أثري مهم في مدينة السموع جنوب محافظة الخليل بالضفة الغربية، يتمثل في مقابر تعود إلى الحقبة الكنعانية، وذلك خلال عمليات تنقيب إنقاذي تمت بالتزامن مع مشروع لشق طريق جديد في المنطقة.
وأوضح بيان صادر عن الوزارة أن الاكتشاف تم تحديدًا في منطقة خربة الهراب، حيث تم العثور على مقابر منحوتة على شكل بار، تحتوي على حجرات دفن متعددة، تظهر أسلوب دفن كان متّبعًا خلال العصر البرونزي الوسيط، وهو ما يعكس طابعًا جنائزيًا مميزًا كان شائعًا في المنطقة في ذلك الزمن.
وذكرت الوزارة أن هذه المقابر احتوت على مرفقات جنائزية متنوعة، شملت قطعًا من الفخار، والحلي، والتعاويذ، والأختام، والأسلحة البرونزية، ما يعطي لمحة نادرة عن جوانب من الحياة الاجتماعية والاقتصادية والطقوس الدينية لدى السكان الكنعانيين الذين عاشوا في المنطقة قبل آلاف السنين.
وشددت الوزارة على أن هذا الاكتشاف يُعد إضافة مهمة للمعرفة العلمية بتاريخ فلسطين القديم، كما يُبرز غنى المنطقة بالآثار التي تعود إلى فترات تاريخية متعاقبة، مؤكدة ضرورة التعاون مع الجهات المحلية والمجتمع المحلي لحماية الموقع وضمان الحفاظ عليه كجزء لا يتجزأ من التراث الثقافي الفلسطيني.
وتأتي أهمية هذا الاكتشاف في ظل سعي الفلسطينيين لحماية تراثهم الثقافي، خاصة بعد حصولهم في أكتوبر 2011 على عضوية كاملة في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، ما يعزز موقفهم في المطالبة بحماية المواقع الأثرية وإدراجها ضمن قائمة التراث العالمي، رغم اعتراض الولايات المتحدة وتعليقها لتمويل المنظمة بعد القرار.
وتشير بيانات وزارة السياحة والآثار إلى أن هناك نحو 7 آلاف موقع ومعلم أثري في الضفة الغربية وحدها، يقع أكثر من 60% منها ضمن المناطق المصنفة (ج)، والتي تخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة، وتتعرض العديد منها لأعمال نهب وتخريب منظم، حسب تقارير الوزارة.
يمثل هذا الاكتشاف الجديد تأكيدًا على أن أرض فلسطين ليست مجرد مسرح للصراع السياسي، بل موطن لحضارات ضاربة في القدم، منها الكنعانية واليبوسية والآرامية وغيرها، التي تركت وراءها شواهد ومعالم لا تزال تُكتشف حتى اليوم.