حصد الفيلم التشيلي "النظرة الغامضة للفلامنجو" للمخرج دييجو سيسبيديس جائزة أفضل فيلم في قسم "نظرة ما" بمهرجان كان السينمائي، وذلك في حفل توزيع الجوائز الذي أُقيم مساء الجمعة.
ويعد هذا العمل هو أول فيلم طويل للمخرج الشاب، وقد نال إعجاب لجنة التحكيم بفضل تناوله الحساس والفني لقضايا اجتماعية شائكة، حيث تدور أحداث الفيلم في تشيلي في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، وتسلط الضوء على عائلة تبدو مثالية، قبل أن تتصدع بفعل تفشي وباء الإيدز وما يحمله من وصمات اجتماعية ومخاوف.
في كلمة مؤثرة ألقاها المخرج دييجو سيسبيديس خلال استلامه الجائزة، قال: "هذه الجائزة لا تحتفي بالكمال. إنها تحتفي بذلك الخوف، ذلك العناد في العيش كما نحن، حتى عندما يجعل ذلك الآخرين غير مرتاحين".
كلمات لاقت صدى كبيرًا بين الحاضرين، إذ عبّرت عن جوهر الفيلم وقيمته الفنية والإنسانية.
ومن بين أبرز المشاركات الأخرى في قسم "نظرة ما"، برز الفيلم الفلسطيني "كان ياما كان في غزة"، الذي نال جائزة الإخراج، وقدم الأخوان المخرجان طرزان وعرب ناصر عملاً جريئًا وواقعيًا، تناول قصة تاجر مخدرات وأتباعه في غزة، خلال العام الذي شهدت فيه حماس سيطرتها على القطاع.
في كلمته المؤثرة خلال تسلم الجائزة، وجّه طرزان ناصر تحية مباشرة للشعب الفلسطيني، قائلاً: "إلى كل سكان غزة، إلى كل فلسطيني وفلسطينية، حياتكم مهمة، وصوتكم مهم، وقريبًا ستتحرر فلسطين".
وقد قوبلت كلماته بتصفيق حار من الحاضرين، تعبيرًا عن التعاطف والتقدير.
يُعد قسم "نظرة ما" (Un Certain Regard) في مهرجان كان من الأقسام التي تتيح الفرصة للأعمال السينمائية التي تقدم رؤى مختلفة وجريئة، وغالبًا ما يتم التركيز فيه على الأصوات الجديدة، والأساليب المبتكرة، والقضايا الاجتماعية والسياسية.
الفوز في هذا القسم يُعد مؤشراً هامًا على أن العمل الفائز يمتلك طابعًا فنيًا خاصًا، ورسالة تتجاوز السرد التقليدي، وهو ما تحققه كلا الفيلمين الفائزين هذا العام: الفيلم التشيلي والفيلم الفلسطيني.
تكريم فيلم "كان ياما كان في غزة" يعكس توجهًا متصاعدًا في المهرجانات العالمية، وهو الانفتاح على أصوات من مناطق النزاع، وتسليط الضوء على القضايا الإنسانية والهوية الثقافية والسياسية من خلال السينما.
ومن الواضح أن السينما الفلسطينية، رغم قلة الإمكانيات والتحديات، باتت تحجز مكانًا لها في المنصات السينمائية الكبرى، من خلال رواية القصص التي تمس القلب والعقل، وتفتح نوافذ على واقع لم يعد بالإمكان تجاهله.
جائزة "نظرة ما" هذا العام كانت بمثابة احتفاء بـ الصدق الفني والمقاومة الإنسانية من تشيلي إلى غزة، من وجع الإيدز إلى وجع الاحتلال، اختار مهرجان كان أن يكرم قصصًا لا تبحث عن الكمال، بل عن الحقيقة في عيون الناس الذين يرفضون أن يصمتوا.