شهدت قرية بودينا التابعة لمنطقة كورتشي في مقاطعة غادشيرولي بولاية ماهاراشترا الهندية، حادثة مأساوية هزّت المجتمع المحلي، وأعادت تسليط الضوء على قضايا حساسة تتعلق بالصحة النفسية للأطفال والتواصل الأسري فقد أقدمت طفلة تدعى سونالي أناند ناتوري، تبلغ من العمر 10 سنوات، على إنهاء حياتها شنقا، عقب خلاف بسيط مع أشقائها حول مشاهدة قناة تلفزيونية.

 

حادثة مؤلمة في ماهاراشترا: مأساة الطفلة سونالي تفتح باب التساؤلات حول التوعية النفسية ودور الأسرة

وبحسب التحقيقات الأولية التي أجرتها شرطة كورتشي، وقعت الحادثة صباح يوم 22 مايو، عندما كانت الطفلة تتابع برنامجًا مفضلًا لديها، ودخلت في مشادة كلامية مع أشقائها الذين أرادوا تغيير القناة ومع تعنّت الطرفين، وعدم الاستجابة لرغبتها، غادرت سونالي المنزل غاضبة وبعد فترة قصيرة، عثر عليها وقد شنقت نفسها باستخدام قطعة قماش من النايلون على شجرة تقع خلف منزل العائلة.

 

فور تلقي البلاغ، انتقلت الشرطة إلى موقع الحادث، وأجرت التحقيقات والإجراءات القانونية، كما تم نقل جثمان الطفلة إلى مستشفى كورشي الريفي لإجراء التشريح وتوثيق الحالة رسميًا.

 

مأساة تكشف ثغرات مجتمعية

رغم بساطة الخلاف الذي دفع سونالي إلى اتخاذ هذا القرار الصادم، فإن الحادثة تكشف عمق التحديات النفسية والاجتماعية التي تواجه الأطفال في مجتمعات تعاني من ضعف التوعية في مجالات الصحة النفسية والتعامل مع الغضب والضغوط اليومية.

 

وأكدت تقارير محلية أن غياب الحوار الأسري الفعّال، وضعف ثقافة الاحتواء داخل البيت، قد تلعب دورًا حاسمًا في تدهور الحالة النفسية للأطفال، حتى لو كانت المظاهر العامة تشير إلى استقرار خارجي.

 

دعوات لتحرك مجتمعي واسع

أثارت الحادثة موجة من الحزن والصدمة في أوساط المجتمع المحلي، ودعت جمعيات أهلية وتعليمية إلى ضرورة: تعزيز التوعية النفسية داخل المدارس، لا سيما في المراحل العمرية الحرجة؛ إطلاق حملات توعية تستهدف أولياء الأمور بكيفية التواصل مع أطفالهم ومساعدتهم على التعبير عن مشاعرهم؛ تدريب المعلمين والمرشدين التربويين على اكتشاف الإشارات التحذيرية التي قد تدل على اضطرابات أو ضغوط نفسية؛ إدخال برامج تنمية مهارات إدارة الغضب وحل النزاعات ضمن المناهج الدراسية أو الأنشطة اللاصفية.

 

تحذير من تكرار المأساة

وفي تصريحات لوسائل إعلام محلية، حذر عدد من الخبراء النفسيين من تكرار مثل هذه الحوادث، مؤكدين أنها نتيجة تراكمات نفسية يعاني منها الأطفال في صمت، ولا تظهر غالبًا إلا في مواقف تبدو "عادية" لكنها تفتح أبوابًا على مشاعر مكبوتة لم تُفهم ولم تجد طريقها للتفريغ أو الحوار.

 

وشدد المختصون على أن الانتحار بين الأطفال لا يُعد قرارًا لحظيًا بقدر ما هو تعبير عن معاناة داخلية لا تجد لها صوتًا أو تفهّمًا من المحيط القريب، سواء الأسرة أو المدرسة أو المجتمع.

 

قصة الطفلة سونالي، رغم بساطتها الظاهرة، تحمل في طياتها صرخة مجتمع بأكمله تجاه ضرورة تبني سياسات شاملة لحماية الصحة النفسية للأطفال فالتعامل مع الطفل بوصفه كائنًا كامل المشاعر والاحتياجات، لا يقل أهمية عن الاهتمام بتغذيته وتعليمه.

 

إن هذه الحادثة المؤلمة لا يجب أن تمر مرور الكرام، بل ينبغي أن تكون جرس إنذار يعيد تشكيل تعاملنا مع الأطفال، ويضع الحوار الأسري، الدعم العاطفي، والتوعية النفسية في قلب السياسات التعليمية والاجتماعية.