اقترب النجم البلجيكي كيفن دي بروين من إسدال الستار على مسيرته الطويلة والمشرقة مع نادي مانشستر سيتي، بعد عشر سنوات كاملة قضاها داخل قلعة "الاتحاد"، كتب خلالها فصولًا من الإبداع، وحفر اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ البريميرليغ ومع اقتراب رحيله الرسمي، بدأ دي بروين في استرجاع أبرز محطات مسيرته، ولم يكن من المستغرب أن يتحدث عن أصعب لحظاته... وأصعب خصومه.
منذ انتقاله إلى مانشستر سيتي في صيف 2015 قادمًا من فولفسبورج الألماني، تحول دي بروين إلى القلب النابض للفريق، وصانع الألعاب الأول في إنجلترا، ولاعب الوسط الذي يُجيد التمرير، التهديف، والسيطرة على نسق المباريات كما يشاء.
حقق دي بروين مع السيتي كل البطولات الممكنة، أبرزها خمس بطولات دوري إنجليزي ممتاز، ولقب دوري أبطال أوروبا في 2023، بالإضافة إلى كأس الاتحاد، وكأس الرابطة، والدرع الخيرية كما أصبح واحدًا من القلائل الذين تمكنوا من الفوز بجائزة أفضل لاعب في إنجلترا أكثر من مرة.
في حديث صحفي أخير، اختار دي بروين النجم الفرنسي السابق في تشيلسي نغولو كانتي كأصعب خصم واجهه خلال مسيرته في الدوري الإنجليزي، موضحًا أن كانتي يجمع بين الرشاقة، الذكاء، والسرعة، رغم قصر قامته.
قال دي بروين: "فابينيو كان قويًا جدًا في فترة لعبه بجانب جوردان هندرسون وجايمس ميلنر، لكن كانتي مختلف تمامًا. هو لاعب صغير الحجم لكنه يغطّي مساحات هائلة، يتميّز بسرعة غير عادية، ويصعب التخلص منه في الملعب. كان دائمًا الخصم الأكثر إزعاجًا لي".
اختيار دي بروين لكنتي لم يكن مفاجئًا لعشاق البريميرليغ، فالأخير كان طوال سنوات أحد أفضل لاعبي خط الوسط الدفاعي في العالم، ويُعرف بقدرته على استخلاص الكرات، وإفساد هجمات المنافسين بكفاءة استثنائية.
رحيل دي بروين عن مانشستر سيتي قد لا يكون رسميًا حتى الآن، لكن جميع المؤشرات تشير إلى أن الصيف المقبل سيكون نهاية علاقته بالنادي الصحف الإنجليزية تؤكد أن اللاعب يفكر جديًا في خوض تجربة جديدة، سواء في الدوري السعودي الذي يُقدم له عرضًا مغريًا، أو ربما في الولايات المتحدة حيث يحلم كثير من النجوم بختام مشوارهم الكروي هناك.
بعمر 33 عامًا، يبدو أن دي بروين يبحث عن تحدٍ مختلف، خاصة بعد أن حقق كل ما يمكن تحقيقه مع السيتي، وترك بصمة خالدة في كل موسم ارتدى فيه قميص الفريق.
دي بروين لم يكن مجرد لاعب وسط، بل كان مهندسًا لكل الهجمات، و"رمانة الميزان" التي يعتمد عليها بيب جوارديولا في تنفيذ فلسفته التكتيكية ساهم دي بروين في أكثر من 150 تمريرة حاسمة في البريميرليغ، إلى جانب عشرات الأهداف، وكثير من اللحظات التي حسمت البطولات.
علاقته بالمدرب بيب جوارديولا كانت دائمًا مميزة، إذ اعتبره الأخير "أذكى لاعب درّبه"، وهو تصريح يوضح حجم التقدير الذي يحظى به النجم البلجيكي داخل أروقة النادي.
إذا كانت الأيام القادمة ستشهد وداع دي بروين رسميًا، فإن جماهير مانشستر سيتي لن تنسى أبدًا ما قدمه للفريق. اللاعب الذي وصل شابًا طموحًا، سيرحل كـ"أسطورة"، وسيبقى اسمه محفورًا في قلوب الجماهير وذاكرة النادي.
رحيله المنتظر يأتي في وقت يواصل فيه السيتي بناء مشروع مستقبلي، مع أسماء شابة صاعدة، لكن لا شك أن تعويض لاعب بحجم دي بروين، فنيًا وشخصيًا، سيكون تحديًا كبيرًا للإدارة والجهاز الفني.
كيفن دي بروين لم يكن مجرد نجم يمر مرور الكرام في مانشستر سيتي. لقد كان القائد الهادئ، والموهبة الرفيعة، والعقل الذي يدير المباراة من وسط الملعب وكأنه يرى كل شيء من أعلى.
الوداع قد يكون قريبًا، لكن تأثير دي بروين سيظل باقيًا في الملاعب، وسيظل كانتي بنظر دي بروين ذلك "الخصم الفريد" الذي ترك أثرًا في كل لحظة منافسة.