كشف الدكتور محمد حمزة الحسيني، الخبير الاقتصادي، عن مفاجأة صادمة تتعلق بحجم الضغوط المالية التي تواجهها الدولة المصرية، موضحًا أن نحو 65% إلى 70% من الإيرادات العامة السنوية للدولة تذهب فقط لسداد فوائد الديون، مما يُشكل عبئًا هائلًا على موازنة الدولة، ويترك هامشًا ضيقًا جدًا لتمويل قطاعات التنمية الحيوية مثل التعليم والصحة.
وفي تصريحات تليفزيونية لقناة "النيل للأخبار"، أكد الحسيني أن خدمة الدين العام (بما فيها الفوائد المستحقة) تُعد أحد الأسباب الجوهرية لتعثر الأداء في ملفات تنموية حساسة، في مقدمتها التعليم والصحة، مشيرًا إلى أن ما يتبقى من الإيرادات أي فقط 30% إلى 35% يخصص لتغطية النفقات الأساسية للدولة، من مشروعات وخدمات.
وتحدث الخبير الاقتصادي أيضًا عن ملف التعليم، مشيرًا إلى أن أحد التحديات الرئيسية التي عانت منها مصر لسنوات طويلة هو غياب التوافق بين مخرجات العملية التعليمية واحتياجات سوق العمل. وقال إن هذه الفجوة أثّرت على سوق التوظيف وخلقت حالة من التشبع في تخصصات غير مطلوبة، في مقابل نقص حاد في المهارات الفنية والمهنية.
وأكد أن الدولة بدأت مؤخرًا في التعامل مع هذه الفجوة بجدية، حيث تم إطلاق مشروعات تعليمية جديدة وافتتاح عدد كبير من المدارس خلال الأشهر الستة أو السبعة الماضية، وهو ما يعكس نية واضحة لرفع كفاءة المنظومة التعليمية على المدى المتوسط.
لفت الحسيني إلى أن الكثافة السكانية في مصر تفرض واقعًا صعبًا على البنية التعليمية، موضحًا أن مصر تحتاج إلى نحو 10 آلاف مدرسة جديدة لتغطية العجز الحالي وتحقيق التوازن المطلوب بين عدد الطلاب والفصول، معتبرًا هذا الرقم كبيرًا وصعب التحقيق دون دعم مالي ضخم.
وأوضح أن الدولة تدرك حجم هذا الاحتياج وتسعى إلى تقليص الفجوة تدريجيًا، لكن الضغوط الاقتصادية الراهنة، وعلى رأسها التزامات خدمة الدين، تُعرقل وتيرة الإنجاز المطلوبة.
أوضح الدكتور الحسيني أن الخلل في هيكل الإيرادات والإنفاق له انعكاسات مباشرة على قدرة الدولة على الإنفاق في القطاعات الخدمية، مضيفًا: "الدولة لا تعاني من ضعف الإرادة السياسية في الإصلاح، لكن الأزمة المالية والديون تحاصر كل محاولات التوسع في التنمية".
وأكد أن أزمة الديون لا تتعلق فقط بالمديونية الخارجية، بل تمتد أيضًا إلى الديون المحلية، التي تستحوذ على حصة كبيرة من ميزانية الدولة، ما يعني أن كل موازنة جديدة تبدأ من موقف مالي ضعيف.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن مواجهة هذا الوضع تتطلب خطة إصلاح مالي وهيكلي واضحة، تتضمن: إعادة جدولة الدين وفوائده بشروط ميسرة.
تحسين كفاءة الإنفاق العام.
زيادة الإيرادات الضريبية من خلال إصلاح النظام الضريبي دون زيادة العبء على محدودي الدخل.
التوسع في الشراكات مع القطاع الخاص في ملفات التعليم والصحة.
كما دعا إلى ضرورة مراجعة أولويات الموازنة العامة للدولة، بحيث توجه النسبة الأكبر من الموارد المتاحة نحو قطاعات الإنتاج والتنمية، بدلًا من الاستنزاف في خدمة الدين فقط.