مأساة في نيو أورلينز: امرأة مسنة تعيش مع رفات ابنها 9 أشهر وسط تدهور صحي ومعيشي".. في واقعة صادمة أثارت حالة من الذهول والاستنكار في مدينة نيو أورلينز الأميركية، عثرت السلطات المحلية على جثة محنطة داخل منزل سيدة مسنة تُدعى باربرا هاينسورث، كانت تقيم معها منذ أكثر من تسعة أشهر دون أن تُبلغ عن وفاته الحادثة، التي وصفت بأنها "مروعة"، كشفت عن إهمال اجتماعي وصحي مزمن، وتفتح باب النقاش مجددًا حول أوضاع كبار السن والمعاقين ذهنيًا الذين يعيشون بمفردهم دون رعاية كافية.

 

مأساة في نيو أورلينز: امرأة مسنة تعيش مع رفات ابنها 9 أشهر وسط تدهور صحي ومعيشي

السلطات بدأت تحقيقًا واسع النطاق بعد تلقي بلاغ من إدارة الصحة في المدينة بشأن حالة العقار الذي تسكنه السيدة، لتكتشف لاحقًا واحدة من أبشع الحالات الإنسانية في المنطقة خلال السنوات الأخيرة.

 

اكتشاف صادم داخل منزل مهجور من النظام والنظافة

وفقًا لما ذكره موقع Nola.com المحلي، وقع الاكتشاف يوم الخميس 15 مايو 2025، عندما دخلت فرق الصحة والشرطة إلى المنزل الواقع في حي "ليكفيو" الراقي نسبيًا بمدينة نيو أورلينز، لتجد مشهدًا لا يُصدّق وسط أكوام القمامة المنتشرة داخل كل الغرف، تجولت طيور مثل الدجاج والديكة بحرية، فيما انبعثت روائح كريهة بشكل خانق وبين كل هذا الفوضى، كانت الجثة المحنطة مستلقية، دون أن تُتخذ أي إجراءات لدفنها.

 

السيدة باربرا، التي تبلغ من العمر 72 عامًا وتعاني من إعاقة ذهنية، أخبرت الشرطة بأن ابنها توفي قبل حوالي تسعة أشهر بسبب معاناته من مشاكل صحية، وأنها لم تتمكن من التعامل مع الأمر لم تُكشف هوية الابن بعد، لكن التقارير أشارت إلى أن وزنه عند الوفاة كان يقارب 600 رطل، ما يعكس حجم الإهمال في العناية به.

 

مؤشرات إهمال سابقة لم تلقَ الاهتمام الكافي

الحادث لم يكن مفاجئًا تمامًا للجيران، الذين سبق أن تقدموا بعدة شكاوى إلى الجهات المختصة بسبب الحالة المزرية للعقار وفقًا للسجلات العامة، اشتكى الجيران من تراكم القمامة، والروائح الكريهة، وانتشار الحشرات والطيور في محيط المنزل، إلا أن استجابات السلطات كانت محدودة أو متأخرة.

 

في 6 مايو، أي قبل اكتشاف الجثة بأيام، تم تغريم هاينسورث بمبلغ 6125 دولارًا بسبب المخالفات الصحية والبيئية في منزلها، كما وُصف العقار رسميًا بأنه "مصدر عام للإزعاج".

 

ومع ذلك، لم يتم اتخاذ إجراءات فعالة لمعالجة الموقف، ولم تصدر قرارات بهدم المنزل حتى بعد إدانته من قِبل إدارة الصحة.

 

دور الجهات الصحية والرقابية في التعامل مع الحادثة

عقب الحادث، سارعت إدارة الصحة والجهات المعنية بإرسال وحدة أزمات متنقلة لتقييم الحالة النفسية والعقلية للسيدة هاينسورث، خصوصًا في ظل الظروف غير الإنسانية التي كانت تعيش فيها كما تم فتح ملف قضائي رسمي بحقها، إلا أنه لم تُوجَّه إليها تهم جنائية حتى لحظة كتابة هذا التقرير، نظرًا لحالتها العقلية التي قد تُضعف مسؤوليتها القانونية.

 

الملف تمت إحالته أيضًا إلى الجهات القضائية والاجتماعية المختصة، للنظر في مدى تقصير الجهات الرقابية، ومدى الحاجة لتحديث نظام المتابعة والرعاية الاجتماعية للأفراد من ذوي الاحتياجات الخاصة، خصوصًا في الأحياء السكنية الراقية التي قد لا تكون ضمن أولويات المتابعة الحكومية.

 

انعكاسات اجتماعية وقانونية للحادثة

الحادثة فتحت نقاشًا واسعًا على المستويين المحلي والوطني حول فعالية شبكات الدعم الاجتماعي والصحي في الولايات المتحدة، وخصوصًا تجاه كبار السن والأشخاص المصابين بأمراض نفسية أو عقلية تعليقات كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي طالبت بإعادة النظر في نظام الرقابة المجتمعية والرعاية المنزلية، وتفعيل برامج زيارات دورية للمسنين.

 

من جهة أخرى، دعا ناشطون في مجال حقوق الإنسان إلى فتح تحقيق موسع في أداء البلديات المحلية، وكيفية تجاهلها لشكاوى السكان المتكررة، معتبرين أن الحادث يعكس فشلًا مؤسسيًا يجب معالجته بشكل فوري.

 

أبعاد إنسانية تتجاوز حدود القضية

بعيدًا عن الجوانب القانونية، تُبرز هذه القصة معاناة إنسانية حقيقية عاشتها امرأة مسنة وحيدة، فقدت ابنها ولم تجد من يمد لها يد العون أو الرعاية تعيش باربرا هاينسورث اليوم تحت ضغط نفسي شديد، في وقت تتعامل فيه السلطات بحذر شديد مع وضعها، نظرًا لتعقيد حالتها الصحية والعقلية.

 

الحادث يعيد إلى الأذهان قصصًا مماثلة من الإهمال المجتمعي، حيث يُترك كبار السن يعيشون في عزلة تامة دون مراقبة أو دعم فعّال، حتى تتحول حياتهم إلى مآسٍ صامتة لا تُكتشف إلا بعد فوات الأوان.