يُعد النوم أحد الركائز الأساسية لصحة الجسم والعقل، إذ يحتاج الإنسان إلى قسط كافٍ من النوم العميق لتنظيم وظائفه الحيوية، فهو يساعد في ترميم الأنسجة وتعزيز الجهاز المناعي وتنظيم الهرمونات، ويؤثر نقص النوم على التركيز والأداء اليومي ويزيد من مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة
يسهم النوم الكافي في تعزيز صحة القلب والأوعية الدموية، حيث يقلل من مستويات هرمون الإجهاد الكورتيزول ويرفع من إنتاج هرمون النمو الذي يساعد في إصلاح خلايا القلب والشرايين، كما أن النوم لمدة سبع إلى تسع ساعات يوميًا يرتبط بانخفاض ضغط الدم وتحسين معدل ضربات القلب، مما يحد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية
تلعب مرحلة النوم العميق دورًا محوريًا في تقوية الذاكرة والقدرات المعرفية، إذ تجمع الأبحاث بين مرحلة حركة العين السريعة REM ومرحلة النوم البطيء Slow Wave Sleep في معالجة المعلومات وترسيخ التعلم المكتسب خلال النهار، ويساعد ذلك الطلاب والعمال على تذكر التفاصيل وأداء المهام المعقدة بفعالية أكبر
يمثل النوم الجيد عاملًا مهمًا في توازن الوزن والتمثيل الغذائي، إذ يقلل من إفراز هرمون الجريلين المسؤول عن إشعار الجوع ويزيد من إفراز هرمون اللبتين الذي يعزز الشبع، كما يؤدي الحرمان من النوم إلى اضطرابات في حساسية الأنسولين وترسب الدهون، مما يرفع من احتمالية الإصابة بالسمنة والسكري
يؤثر النوم أيضًا على الحالة النفسية والعاطفية، حيث يساعد على تنظيم إفراز السيروتونين والدوبامين اللذين يؤثران على المزاج والشعور بالراحة، ويقلل النوم الكافي من فرص الإصابة بالقلق والاكتئاب ويعزز القدرة على التعامل مع الضغوط اليومية، بينما يرتبط اضطراب النوم بزيادة حدة التوتر الشعوري والانفعال
تتأثر جودة النوم بعوامل عدة يمكن التحكم فيها، مثل انتظام مواعيد النوم والاستيقاظ دون تغيير كبير بين أيام الأسبوع ونهاياته، وتهيئة بيئة هادئة ومظلمة خالية من الأجهزة الإلكترونية قبل النوم، كما يُنصح بتجنب الكافيين والمنبهات قبل النوم بساعات والابتعاد عن الوجبات الثقيلة والتمارين الرياضية المجهدة في المساء
يمكن تحسين عادة النوم عبر اتباع روتين مريح قبل النوم مثل القراءة الخفيفة أو الاستحمام بماء دافئ والمداومة على تمارين التنفس العميق أو التأمل، كما يُنصح بتقييم نمط النوم باستخدام سجل يومي أو أجهزة تتبع النوم لمراقبة المراحل ومدتها، والاستشارة الطبية عند استمرار الأرق أو الشعور بالتعب المزمن رغم المكوث في السرير لساعات كافية
تؤكد الدراسات أن النوم الجيد يوازي النوم الصحي في أهميته للنظام الغذائي والنشاط البدني، فمن يمنح نفسه الأولوية للنوم يحصل على طاقة متجددة، ويقلل من خطر الحوادث المرتبطة بالتعب ويعزز من جودة الحياة بشكل عام، لذا يجب على الجميع تدعيم عادات النوم الصحية كجزء لا يتجزأ من المحافظة على صحة الجسم والعقل وترسيخ التوازن اليومي.