أعلنت وزارة الصحة والسكان في مصر يوم الأحد الأول من يونيو 2025 عن إطلاق منصة “صحتي في بيتك” للاستشارات الطبية عن بعد، والتي تتيح للمواطنين في القرى والمناطق النائية الحصول على استشارات طبية فورية عبر الهاتف أو الفيديو، ويأتي هذا المشروع ضمن استراتيجية الحكومة لتعزيز التحول الرقمي في المنظومة الصحية وتخفيف الضغط عن المستشفيات والمراكز الصحية في المدن الكبرى.
تهدف المنصة إلى تقديم خدمات استشارية للمرضى المصابين بحالات مزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم والأمراض التنفسية، حيث يمكن للمريض التواصل مع طبيب متخصص في نفس التخصص الطبي دون الحاجة إلى السفر لمسافات طويلة، ويستطيع المستخدم حجز موعد إلكتروني عبر التطبيق أو الاتصال بالرقم المجاني 15300، ثم يتم تحويله إلى الطبيب المناسب حسب الحالة الصحية المسجلة في قاعدة البيانات الوطنية.
تتضمن المنصة وحدة للصحة النفسية توفر استشارات نفسية واجتماعية للمرضى والأسر في مصر الذين يعانون من ضغوط الحياة اليومية، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى أطباء نفسيين، وتعمل هذه الوحدة على مدار الساعة مع فريق من الأخصائيين النفسيين والإجتماعيين الذين يقدمون الدعم النفسي والإرشاد العائلي، ويُتاح أيضًا متابعة دورية للمرضى وتقييم تطور الحالة عبر استبيانات إلكترونية قصيرة.
اعتمدت الوزارة في تصميم المنصة على نظام تشفير متقدم لحماية البيانات الطبية وسريتها، حيث يخضع كل طبيب ومعالج لفحص خلفية شامل قبل الانضمام إلى المنصة، ويستخدم المرضى كلمات مرور مؤقتة لمرة واحدة عند كل اتصال لضمان عدم اختراق المعلومات، فيما يقوم فريق تكنولوجيا المعلومات بالإشراف على البنية التحتية الرقمية للصيانة الدورية والتحديثات الأمنية لمنع أي اختراق أو توقف في الخدمة.
ضمّت المبادرة شراكات مع شركات الاتصالات لتقديم باقات إنترنت مخفضة للأهالي التابعين لمنظومة الرعاية الأولية في المحافظات، بالإضافة إلى توزيع أجهزة لوحية على فرق الرعاية المنزلية في القرى الأكثر احتياجًا، وذلك لتسجيل البيانات الصحية مباشرة وربطها بالمنصة، مما يتيح للطبيب المعالج الإطلاع على تاريخ المريض الطبي وعرض نتائج الفحوصات المخبرية والصور الشعاعية عند الحاجة لتوجيه المريض نحو إجراء فحوصات إضافية أو زيارة المستشفى.
أوضحت وزيرة الصحة أن إطلاق المنصة يأتي استجابة لتقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء التي أشارت إلى تدنٍ في نسب الوصول إلى الخدمات الصحية بنسبة تصل إلى 40 في المائة في المناطق النائية وضعف وجود أطباء اختصاصيّين، مؤكدة أن المبادرة ستسهم في خفض قوائم الانتظار في المستشفيات بنسبة قد تصل إلى 25 في المائة خلال العام الأول من التشغيل، كما ستعمل على تقليل النفقات على التنقل والعلاج خاصة للأسر ذات الدخل المحدود.
بدأت المرحلة الأولى من التشغيل في محافظات الصعيد والوجه القبلي بمحافظات المنيا وبني سويف وسوهاج وأسيوط، ويتوقع توسيع الخدمة لتغطي كافة محافظات الدلتا والقاهرة الكبرى بحلول نهاية 2025، بينما ستُضاف لغات دعم للمسنين وغير الناطقين بالعربية مثل الإنجليزية والأمازيغية لتيسير التواصل، مع توفير خاصية تحويل النص إلى كلام لذوي صعوبات الرؤية وضعاف السمع.
أشاد خبراء الصحة العامة بالمبادرة واعتبروها نموذجًا يحتذى به في تعزيز الرعاية الصحية الرقمية في العالم العربي، كما أشارت دراسات أولية إلى ارتياح المرضى لسهولة الحجز وسرعة الاستجابة، ويستمر التقييم الميداني شهريًا عبر مقاييس رضا المرضى وجودة الخدمة للوقوف على النقاط التي تحتاج للتحسين قبل التوسعة الكاملة.
توفر المنصة أيضًا منصة تدريبية للأطباء لرفع كفاءاتهم في تقديم الاستشارات عن بُعد، حيث تُنظم ورش عمل إلكترونية حول مهارات التواصل الافتراضي والتشخيص عن بُعد وإدارة الحالات الحرجة حتى يتمكن الأطباء من تقديم المشورة الطبية بأعلى جودة ممكنة، ويستفيد منها أكثر من خمسة آلاف طبيب حتى الآن ويتوقع زيادتها مع مرور الأشهر.
تُعدّ منصة “صحتي في بيتك” خطوة استراتيجية نحو تحقيق التغطية الصحية الشاملة وتأكيدًا على حرص الحكومة على دعم التحول الرقمي في القطاع الصحي، ويأمل المواطنون أن تُسهم هذه الخدمة في تحسين جودة الرعاية وتقليل معاناة السفر الطويل لعلاج الأمراض الشائعة والمزمنة في محافظاتهم.