كشفت رشا عبد العال رئيس مصلحة الضرائب المصرية عن تجاوز عدد الوثائق الإلكترونية المرفوعة على منظومة الفاتورة الإلكترونية حاجز 1.5 مليار وثيقة حتى 9 مايو 2025، مما يعكس التوجه القوي للممولين نحو الرقمنة والاستفادة من المزايا الضريبية المبسطة التي أتاحها قانون الإجراءات الضريبية الموحد رقم 6 لسنة 2025، ويأتي هذا الرقم بعد جهود مكثفة لتوعية وتدريب القطاع التجاري والصناعي على آليات النظام الجديد الذي يربط بين الفواتير والإيصالات الإلكترونية بشكل سلس.
منظومة الفاتورة والإيصال الإلكتروني بين الإلزام والاختيار
أوضحت رئيس المصلحة أن الانضمام لمنظومتي الفاتورة الإلكترونية أو الإيصال الإلكتروني يعد شرطًا أساسيًا للاستفادة من نظام الضريبة المبسط للمشروعات الصغيرة والمتوسطة التي لا تزيد إيراداتها السنوية عن 20 مليون جنيه، وقد شُرّع هذا النظام في القانون الجديد ليقلل من الإجراءات الورقية ويحدد الضريبة المستحقة بدقة، مع منح الممولين مزايا تسهيلية تشمل اعتمادًا أسرع للفاتورة والإعفاء من جزء من الغرامات عند الالتزام بالميثاق الضريبي.
نشاط المنظومة الشهر الماضي وأرقام المعالجة
وفقًا لتقرير نشره موقع أي فاينانس للاستثمارات الرقمية، فإن المنظومة الضريبية الرقمية عالجت خلال شهر أبريل 2025 ما يزيد على 40 مليون فاتورة إلكترونية إضافةً إلى 70 مليون إيصال إلكتروني، مما يؤكد قدرة البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات لدى مصلحة الضرائب على التعامل مع حجم ضخم من البيانات دون انقطاع، وهذا الإنجاز يُسهم في تعزيز الشفافية وتقليل فرص التهرب الضريبي.
ندوات توعوية ودعم فني مستمر
ذكرت عبد العال أن مصلحة الضرائب تنظم ندوات توعية أونلاين أسبوعية حول منظومتي الفاتورة والإيصال الإلكتروني، وتعلن عن مواعيدها عبر الصفحة الرسمية للمصلحة على فيسبوك والموقع الإلكتروني، إلى جانب تقديم دعم فني مباشر عبر الخط الساخن 16395، وإقامة مراكز دعم للتحول الرقمي في مناطق متعددة منها الحي العاشر بمدينة نصر ومنطقة الأغا خان، بهدف مساعدة الممولين على التسجيل واستخدام المنظومة دون أخطاء تقنية أو إدارية.
ربط الفاتورة بالاستيراد والتصدير قيد التطبيق
تستعد المصلحة لإلزام الممولين الراغبين في استيراد أو تصدير السلع بإصدار الفاتورة الإلكترونية على المنظومة قبل الشحن، في خطوة تهدف لضبط حركة السلع وتوفير بيانات دقيقة للمسح الجمركي، وقد تم الإعلان عن تطبيق هذا الشرط تدريجيًا اعتبارًا من يوليو 2025 لتمكين الشركات من تجهيز أنظمتها الرقمية والتكيف مع المتطلبات الجديدة، الأمر الذي سيعزز من تنافسية السلع المصرية ويحد من التهرب والتهريب.
تحديات التنفيذ وخطط المعالجة
رغم النجاحات المحققة، تواجه المنظومة تحديات تتمثل في بعض الأعطال التقنية المؤقتة خلال ساعات الذروة، وكذلك تردد عدد من الممولين الصغار نتيجة مخاوف من التغييرات المفاجئة في الإجراءات، وقد أوصى خبراء بتفعيل آلية اختبار مسبق للمنظومة قبل الإلزام الكامل، وإتاحة فترة سماح مدتها ثلاثة أشهر تقويمية دون فرض غرامات لتشجيع التحول الرقمي، بالإضافة إلى تعزيز الشراكة مع شركات برمجيات محلية لتطوير واجهات استخدام أبسط وأكثر توافقًا مع أنظمة المحاسبة المعتمدة لدى الممولين.
مستقبل الرقمنة الضريبية في مصر
تسعى مصلحة الضرائب إلى توسيع رقعة الخدمات الإلكترونية لتشمل تبادل البيانات مع الجهات الحكومية الأخرى مثل الجمارك والتموين والتجارة الداخلية عبر بوابة موحدة، مما يتيح للممول إصدار الفاتورة والإيصال والتصريح الجمركي في خطوة واحدة، كما يخطط القطاع لإطلاق تطبيق جوال يربط مباشرة بحسابات الممولين ويُرسل تنبيهات فورية عند حدوث أي تحديث في القوانين أو الإعلانات الضريبية، وهو ما يتوافق مع استراتيجية الدولة للتحول الرقمي ورؤية مصر 2030 في بناء اقتصاد معرفي يعتمد على البيانات.
يعكس تخطي رقم 1.5 مليار وثيقة إلكترونية دليلاً واضحًا على نجاح استراتيجية الدولة في رقمنة المنظومة الضريبية، ويضع مصلحة الضرائب في موقع الريادة الإقليمية في مجال الإدارة الضريبية الرقمية. استمرار التوعية وتطوير المنظومة سينقل الاقتصاد الرسمي نحو مزيد من الشفافية والكفاءة، ويحفز مزيدًا من الاستثمارات المحلية والأجنبية بفضل البيانات الدقيقة والإجراءات المبسطة.