أعاد تصريح آرني سلوت، مدرب ليفربول الجديد، إشعال الجدل حول نادي ريال مدريد، بعدما لمح بشكل غير مباشر إلى سياسة الانتقالات التي يتبعها "النادي الملكي"، في وقت تتصاعد فيه الشائعات حول انضمام ترينت ألكسندر أرنولد إلى الميرينغي مجانًا بنهاية الموسم.

 

ورغم أن سلوت لم يسم ريال مدريد صراحة، فإن حديثه عن "نادي أوروبي كبير يعتمد على الصفقات المجانية" فهم منه أنه يشير إلى بطل أوروبا التاريخي، خاصة أن الحديث جاء في خضم تكهنات قوية تربط ترينت بالنادي الإسباني.

 

سياسة الصفقات المجانية.. عبقرية أم استغلال؟

 

خلال السنوات الماضية، أصبح ريال مدريد متخصصًا في اقتناص النجوم بنظام "الانتقال الحر" بعد نهاية عقودهم، كما حدث مع دافيد ألابا، أنطونيو روديغر، وأخيرًا كيليان مبابي.

 

ورغم أن هذه السياسة لا تخالف القوانين، فإنها تُثير استياء بعض الأندية التي ترى أن الريال يمارس ضغوطًا غير مباشرة على اللاعبين، مما يفقد الأندية المال والقدرة على التفاوض.

 

من جهة أخرى، يدافع أنصار الريال عن هذه السياسة باعتبارها نموذجًا للذكاء المالي، خاصة في زمن الأسعار الفلكية للنجوم، حيث يفضل النادي التعاقد مع اللاعب مجانًا ومنحه راتبًا مجزيًا، بدلاً من دفع 100 أو 150 مليون يورو للشراء.

 

تصريح سلوت لم يكن مفاجئًا لمحبي الكرة الأوروبية، إذ أن التوتر بين ليفربول وريال مدريد تصاعد خلال السنوات الأخيرة، خصوصًا بعد تكرار المواجهات الحاسمة بينهما في دوري أبطال أوروبا، مثل نهائي 2018 و2022، والاتهامات المتبادلة بين الجماهير والإدارات.

 

جماهير ليفربول ما زالت تتذكر نهائي باريس 2022، الذي شهد فوضى تنظيمية كبيرة خارج الملعب، بينما استغل الريال الموقف ليحقق انتصارًا مثيرًا وسط حالة غضب إنجليزي، خصوصًا بعد التدخلات الإعلامية الحادة من جانب القنوات المدريدية.

 

لم يكن نادي باريس سان جيرمان أقل توترًا مع ريال مدريد، بل إن العلاقة بين الناديين وصلت إلى نقطة اللاعودة بعد انتقال كيليان مبابي في صفقة انتقال حر خلال صيف 2024، عقب سنوات من الشد والجذب.

 

باريس اعتبر أن الريال تصرف بطريقة غير أخلاقية، من خلال انتظاره للاعب رغم إنكاره الرسمي لأي اتفاق، بينما أصر مبابي على حلمه بارتداء قميص الملكي.

 

الطريقة التي رحل بها نجم باريس أثارت موجة غضب فرنسية، خصوصًا أن النادي خسر اللاعب دون مقابل مالي، بعد أن رفض بيعه في صيف 2023 مقابل أكثر من 200 مليون يورو.

 

الأزمة لم تعد مقتصرة على علاقات الريال الخارجية فقط، بل امتدت إلى الداخل الإسباني. ففي يناير الماضي، اجتمع اتحاد الكرة الإسباني مع أندية الليغا لمناقشة تطوير التحكيم، فكان موقف ريال مدريد استثنائيًا.

 

النادي الملكي هاجم الحكم عبر قناته الرسمية بسبب لقطة مثيرة للجدل في مباراة ضد جيرونا، مما أثار حفيظة أندية أخرى مثل إشبيلية وأتلتيكو مدريد، التي اعتبرت أن تصرفات الريال تُشوه صورة الليغا وتثير الشكوك حول النزاهة.

 

الاتحاد الإسباني رد بإعلان "مرحلة جديدة للتحكيم"، مع إشادة بتكاتف الأندية، بينما غاب الريال عن الاجتماع، في خطوة فهمها البعض كمقاطعة احتجاجية.

 

العلاقة المتوترة بين ريال مدريد وبعض الأندية لم تبدأ مؤخرًا، بل تعود إلى صيف 2015، عندما انهارت صفقة انتقال دافيد دي خيا من مانشستر يونايتد إلى ريال مدريد بسبب تأخر في إرسال الوثائق قبل إغلاق سوق الانتقالات بدقائق.

 

القضية، المعروفة إعلاميًا بـ"أزمة الفاكس"، تحولت إلى مادة ساخرة، لكنها كشفت عن التوتر الكبير بين الناديين. ريال مدريد اتهم مانشستر بالتأخير المتعمد، بينما رد يونايتد بأن الريال هو من تلكأ حتى اللحظات الأخيرة.

 

منذ ذلك الحين، اختفت أي صفقات كبرى بين العملاقين، في مؤشر على استمرار الجمود في العلاقة، رغم احتياج كل طرف للآخر في السوق.

 

البعض يرى أن ريال مدريد يُعاقَب إعلاميًا وجماهيريًا لأنه "ينجح أكثر مما ينبغي"، إذ أنه يتعامل بثقة الكبار دائمًا، ويفرض نفوذه التاريخي في المفاوضات والمباريات، حتى لو أغضب الآخرين.

 

لكن هناك من يرد بأن كرة القدم الحديثة تقوم على التوازن، وأن أي نادٍ يتجاوز حدوده ويُثير التوترات الدبلوماسية بين الأندية، يضع نفسه تحت دائرة الضوء، وربما يفقد احترام خصومه.