اشتعلت الأجواء داخل أروقة نادي الإفريقي التونسي، أحد أعرق أندية كرة القدم في البلاد، بعد الهزيمة القاسية التي تلقاها الفريق أمام النجم الساحلي بنتيجة 0-2، في الجولة قبل الأخيرة من منافسات الدوري التونسي الممتاز.

 

هذه الخسارة التي كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، جاءت لتقضي على آخر آمال الفريق في التتويج باللقب المحلي أو حتى المنافسة على مقعد مؤهل لدوري أبطال أفريقيا في الموسم القادم، ما أدخل النادي في دوامة من الانتقادات والقرارات الحاسمة المرتقبة.

 

سلسلة هزائم تربك الحسابات


الإفريقي، الذي يقوده المدرب الفرنسي دافيد بيتوني صاحب الـ53 عامًا، يعاني من تراجع واضح في الأداء منذ بداية المرحلة الأخيرة من البطولة. فبعد أن كان الفريق من أبرز المنافسين على القمة، تراجع بشكل ملحوظ في الجولات الأخيرة، حيث تلقى ثلاث هزائم متتالية كانت كافية لتقويض طموحات الجماهير والإدارة معًا.

 

بدأت هذه السلسلة السوداء بالسقوط أمام الغريم التقليدي الترجي الرياضي التونسي بنتيجة 1-3 في مباراة أثارت الكثير من الجدل حول مستوى التحكيم وأداء اللاعبين ثم جاءت الهزيمة المفاجئة أمام النادي البنزرتي بهدف نظيف، قبل أن يحسم الموقف تمامًا بالخسارة أمام النجم الساحلي في الجولة ما قبل الأخيرة بهدفين دون رد. بهذه النتائج، تجمد رصيد الإفريقي عند 53 نقطة في المركز الرابع، ليبتعد بشكل رسمي عن سباق التتويج أو التأهل لدوري الأبطال، وهو ما شكل صدمة حقيقية لجماهير النادي العريقة.

 

اجتماع طارئ وحسم مصير المدرب


في ظل هذا التراجع الفني والنتائج المخيبة للآمال، قرر رئيس النادي، هيكل دخيل، الدعوة لعقد اجتماع طارئ عقب نهاية الجولة الحالية من الدوري، لمناقشة مصير المدرب الفرنسي دافيد بيتوني وتشير المصادر المقربة من إدارة الإفريقي إلى أن الاتجاه العام يسير نحو إقالة المدرب بعد نهاية الموسم، خاصة إذا لم يتمكن من تقديم أداء إيجابي في المباراتين المتبقيتين.

 

الفريق ما زال أمامه مباراة وحيدة في الدوري ضد مستقبل قابس، المقرر إقامتها يوم الأربعاء المقبل، وهي فرصة أخيرة لإنقاذ بعض من ماء الوجه أمام الجماهير كما تنتظر الفريق مباراة حاسمة في بطولة كأس تونس ضد الاتحاد المنستيري يوم الأحد، والتي قد تمثل طوق النجاة الأخير للجهاز الفني الحالي في حال تحقيق الفوز والتأهل.

 

خلافات داخلية تعمق الأزمة


الأزمة لم تتوقف عند حدود الأداء الفني، بل امتدت إلى صراع داخلي بدأ يظهر إلى العلن، خصوصًا بعد تصريحات مثيرة للجدل من المستثمر الأمريكي فيرغي شامبرز، الذي أعلن صراحة أنه لم يدعَ لحضور الاجتماع الطارئ الذي دعت إليه إدارة النادي.

 

وفي حديثه لقناة "نسمة" التونسية، عبر شامبرز عن استيائه من طريقة تعامل الإدارة الحالية معه، وأكد: "العمل مع هيكل دخيل بات مستحيلاً بنسبة 100%".

 

تصريحات شامبرز جاءت لتزيد من تعقيد المشهد داخل أسوار النادي، خاصة في ظل عدم وجود تنسيق واضح بين الأطراف المؤثرة في الإدارة، ما قد ينعكس سلبًا على استقرار الفريق خلال الفترة المقبلة.

 

ويذكر أن شامبرز كان قد تعهد سابقًا بضخ استثمارات جديدة في النادي، والمساهمة في تطوير البنية التحتية والطاقم الإداري، ولكن الخلاف الحالي قد يطيح بهذه الخطط.

 

الجماهير تطالب بالتغيير الشامل


جماهير الإفريقي، المعروفة بشغفها الكبير ودعمها المتواصل للنادي، لم تصمت على ما يحدث، إذ أطلقت حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تُطالب بإجراء تغييرات شاملة على مستوى الجهاز الفني والإداري، وتشكيل لجنة لتقييم أداء الموسم بالكامل وتنوعت ردود الفعل بين من يُحمّل المسؤولية للمدرب بسبب اختياراته التكتيكية، وبين من يرى أن غياب الاستقرار الإداري هو السبب الرئيسي في هذه النتائج المخيبة.

 

ويرى عدد من المحللين الرياضيين أن الإفريقي دفع ثمن الاعتماد على مدرب لا يمتلك خبرة كبيرة في الدوري التونسي، إضافة إلى ضعف الصفقات التي أُبرمت خلال الميركاتو الصيفي، وعدم وجود عمق في التشكيلة يمكن الاعتماد عليه في الفترات الحاسمة من الموسم.

 

مع تبقي مباراتين فقط على نهاية موسم الإفريقي، يبدو أن كل الاحتمالات واردة داخل النادي فإقالة المدرب دافيد بيتوني باتت شبه مؤكدة في حال استمرار الأداء السلبي، فيما قد يؤدي الخلاف المتصاعد بين رئيس النادي والمستثمر الأمريكي إلى أزمة مالية وإدارية جديدة قد تعيق خطط الفريق في التحضير للموسم القادم.

 

الأنظار تتجه الآن إلى ما سيحدث خلال الأيام القليلة المقبلة، لا سيما مباراة كأس تونس، التي ستُحدد بشكل كبير مصير المدرب وربما حتى شكل إدارة النادي المستقبلية.