شهدت سماء الصحراء المغربية عند فجر امس عملية إطلاق ناجحة للقمر الصناعي الاستكشافي “ماسار 3” من منصة خاصة في كورنيش الصويرة بمشاركة خبراء و مهندسين مغاربة و دوليين وقد تميز هذا المشروع بكونه أول تجربة وطنية تعتمد على تقنيات متقدمة للتوجيه الذاتي و التحقق من البيانات العلمية في المدار و شكّلت الفقره نقطة تحول في مسار البرامج الفضائية العربية و دفعت الوكالة الى استخدام نظم الدفع الكهربائي و لوحات شمسية قابلة للطي مما يضمن استمرارية الاتصال مع الأرض و القدرة على جمع صور عالية الدقة للظواهر المناخية و الجغرافية مع توقعات بأن يساهم القمر في دعم الأبحاث الزراعية و متابعة حرائق الغابات و تتويج جهود المغرب الرامية الى توسيع قدراته التكنولوجية بعيداً عن الاعتماد الخارجي في مجال الفضاء.
أهداف علمية وبيئية تصب في خدمة المنطقة
جاء إطلاق “ماسار 3” متزامناً مع انتهاء مرحلة الاختبارات الأرضية التي استمرت أكثر من عام و ركّزت على مقاومة الاهتزاز و تقنيات التحكم في الحرارة مع استشعار تأثير الفقره على المكونات الإلكترونية في الفضاء و تأكيد جاهزية القمر للعمل في بيئة منخفضة الجاذبية و لاقت التجربة استحسان الباحثين المغاربة الذين عملوا على تطوير برمجيات مفتوحة المصدر لتحليل بيانات الاستشعار عن بعد و رقمنة الخرائط الطبوغرافية لمناطق نائية في شمال إفريقيا و سجلت أولى الصور المرسلة من المدار جودة عالية يمكن استخدامها في مراقبة التغير المناخي و تقدير معدلات هطول الأمطار و حتى تحسين نماذج التنبؤ بانتشار موجات الجفاف التي تعاني منها بعض البلدان العربية.
تعاون دولي وشراكات مستقبلية لبرنامج فضائي عربي متكامل
أظهرت فعاليات حفل الإطلاق حجم الاهتمام الدولي بالمشروع حيث حضر ممثلون عن وكالات فضاء من فرنسا و اليابان و الإمارات و الجزائر و عقدت نقاشات موسعة حول إمكانية انضمام دول أخرى الى برنامج “ماسار” بإطلاق أقمار صناعية شقيقة تحت مظلة تعاون عربي و تم خلال اللقاء توقيع مذكرتي تفاهم بين المغرب و الإمارات و المرفق الأوروبي للأنشطة الفضائية لدعم تطوير تقنيات دفع أيونية و تجهيز مختبرات جديدة لتحليل العينات القادمة و شدّد المشاركون على دمج قطاعي البحث و الصناعة لتأسيس منظومة فضائية عربية قادرة على المنافسة عالمياً و نقل الخبرات بين مراكز البحث و الجامعات و تم التأكيد على أهمية الفقره في تيسير تبادل البيانات الجوية و البحرية و الزراعية بين الدول الأعضاء.
انعكاسات اقتصادية وأكاديمية لتعزيز مكانة المغرب في مجال الابتكار
يتوقع مسؤولو الوكالة المغربية للفضاء أن يفتح مشروع “ماسار 3” آفاقاً واسعة للاستثمار في قطاع الصناعات الفضائية و يعود بعوائد اقتصادية عبر عقود إنتاج محلي و تصدير خدمات الرصد الفضائي إلى الدول المجاورة و يساهم في خلق أكثر من ألف فرصة عمل مباشرة في مجالات الهندسة و البرمجة و الأبحاث و التدريب و أشار خبراء اقتصاديون الى أن نجاح عمليات الإطلاق سيحفز صناديق التمويل و المستثمرين في قطاع التكنولوجيا على ضخ رؤوس الأموال في الشركات الناشئة المتعلقة بالفضاء و الروبوتات و الذكاء الاصطناعي و أعدّت وزارات التعليم و العلوم برامج دراسية متخصصة في الجامعات المغربية لتخريج كوادر قادرة على إدارة مشاريع الفضاء مستقبلاً مع تكثيف الفقره لورشات تدريبية و منح دراسية خارجية لتوسيع قاعدة الخبرة الوطنية.
دعوات عربية لتأسيس اتحاد فضائي مشترك وتبادل الأعمال البحثية
سرعان ما تجاوبت عدة دول عربية مع نجاح “ماسار 3” فدعت الى عقد مؤتمر فضائي عربي أول من نوعه في الرباط خلال الصيف القادم و طرح أمين عام الجمعية العربية للفضاء فكرة تأسيس اتحاد فضائي عربي يعنى بالتخطيط المشترك و بناء محطات استقبال أرضية متنقلة لتتبع الأقمار الصناعية و نشر ثقافة الفضاء و علوم الفلك و الاحتفاء بإنجازات الفضاء العربية و اقترح عدد من الممثلين إنشاء برنامج لتبادل الطلاب و الباحثين العرب بين مراكز الفضاء الوطنية و إنشاء مختبر عربي للتحكم بالأقمار الصناعية و تحليل بياناتها و اعتبروا الفقره عاملاً أساسياً لدمج جهود الدول العربية في هذا القطاع الاستراتيجي بما يحقق الاكتفاء التقني و يدعم التنمية المستدامة و يضع المنطقة في مصاف القوى الرائدة في الاستكشاف الفضائي.